للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال كل منهم مؤكداً استلذاذاً بما أداهم إلى ما هم فيه لأنه لا يكاد يصدق، مسندين النعمة بفعل الكون إلى الله الذي جبلهم جبلة خير، مسقطين الجار إشارة إلى دوام خوفهم، تنبيهاً على أن الخوف الحامل على الكف عن المعاصي يشترط فيه الدوام، بخلاف الرجاء الحامل على الطاعات، فإنه يكفي فيه ما تيسر كما تأتي الإشارة إليه بإثبات الجار: {إنا كنا قبل} أي في دار العمل {في أهلنا} على ما لهم من العدد والعدد والنعمة والسعة، ولنا بهم من جوالب اللذة والدواعي إلى اللعب {مشفقين *} أي عريقين في الخوف من الله لا يلهينا عنه شيء مع لزومنا لما نقدر عليه من طاعته لعلمنا بأنا لا نقدره لما له من العظمة والجلال والكبرياء والكمال حق قدره، وأنه لو واخذنا بأصغر ذنوبنا أهلكنا، قال الرازي: والإشفاق: دوام الحذر مقروناً بالترحم، وهو أن يشفق على النفس قبل أن تجمح إلى العناد، وله أقسام: إشفاق على العمل أن يصير إلى الضياع، وإشفاق على الخليقة لمعرفة مقاديرها، وإشفاق على الوقت أن يشوبه تفرق وعلى القلب أن يمازجه عارض وعلى النفس أن يداخلها - انتهى.

ولما حكى عنهم سبحانه أنهم أثبتوا لأنفسهم عملاً تدريباً لمن أريدت سعادته، فكان بحيث يظن أنهم رأوه هو السبب لما وصلوا إليه، قالوا نافين لهذا الظن، مبينين أن ما هم فيه إنما هو ابتداء تفضل من الله تعالى لأن إشفاقهم منه سبحانه لكيلا يعتمد الإنسان على شيء من عمله

<<  <  ج: ص:  >  >>