للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{نتربص} أي ننتظر {به ريب المنون *} أي حوادث الدهر من الموت وغيره القاطعة، من المن وهو القطع.

ولما كان كأنه قيل لهم: إنهم ليقولون ذلك، قال معلماً جوابهم: {قل تربصوا} ولم يعرج على محاججتهم في قولهم هذا تنبيهاً على أنه من السقوط بمنزلة لا يحتاج معها إلى رد مجادلة، ثم سبب عن أمره لهم بالتربص قوله: {فإني معكم} وأكده تنبيهاً على أنه يرجو الفرح بمصيبتهم كما يرجون الفرح بمصيبته وإن كانت كثرتهم وقوتهم عندهم مانعة من مثل هذا التربص {من المتربصين *} أي العريقين في التربص وإن ظننتم خلاف ذلك، وأشار بالمعية إلى أنه مساو لهم في ذلك وإن ظنوا لكثرتهم وقوتهم ووحدته وضعفه أن الأمر خلاف ذلك، قال القشيري: جاء في التفسير أن جميعهم - أي الذي تربصوا به - ماتوا، قال: ولا ينبغي لأحد أن يؤمل نفاق سوقه بموت أحد لتنتهي النوبة إليه فقل من تكون هذه صفته إلا سبقته المنية، ولا يدرك ما تمناه من الأمنية.

ولما كان قولهم هذا مما لا يقال أصلاً وإن قيل على بعده كان قوله كأنه على جهة سبق اللسان أو نحو ذلك، نبه عليه بمعادلة ما تقديره: أقالوا ذلك ذهولاً: {أم تأمرهم} أي نزين لهم تزييناً يصير مآلهم إليه من الانبعاث كالأمر {أحلامهم} أي عقولهم التي يزعمون أنهم اختصوا بجودتها دون الناس بحيث إنه كان يقال فيهم: أولوا الأحلام والنهي

<<  <  ج: ص:  >  >>