كذباً وليس بشعر ولا كهانة ولا جنون، وهم على كثرتهم وإلمام بعضهم بالعلم وعرافة آخرين في الشعر والخطب والترسل والسجع يعجزونه عن مثله بل عن مثل شيء منه.
ولما كان الكلام حقيقة في النفس، وكانوا يعلمون بطلان جميع ما يقولونه من ذلك، كان التقدير: لم يقولوا شيئاً من ذلك حقيقة واعتقاداً {بل لا يؤمنون *} أي لا يقرون بالحق مع علمهم ببطلان قولهم وتناقضه عناداً منهم لا تكذيباً في الباطن.
ولما كان هذا القول أظهر بطلاناً من كل ما قالوه لأن تكذيبهم لهم على تقدير كذبه - على زعمهم - غير موقوف على شيء خارج عن القوة، طالبهم بالمعارضة لأنهم إذا عارضوه بمثله انفصل النزاع، ولذلك سبب عما مضى قوله تكذيباً لهم في قولهم هذا الذي أظهروه بألسنتهم يوقفون به غيرهم عن الخير:{فليأتوا} أي على تقدير أرادوه {بحديث} أي كلام مفرق مجدد إتيانه مع الأوقات لا تكلفهم أن يأتوا به جملة {مثله} أي القرآن في البلاغة وصحة المعاني والإخبار بالمغيبات مما كان أو يكون على ما هي عليه والحكم.
ولما كان المقصود هنا مطلق التعجيز للمكذبين لا بقيد الاجتماع كما في سبحان لأن نزول هذه أوائل ما نزل، تحداهم بالإتيان بالمثل في التنجيم والتطبيق على الوقائع سوراً أو آيات أو دون ذلك، تحدث وتتجدد شيئاً في أثر شيء - بما أشار إليه التعبير بالحدوث، ولذلك أعراه عن تظاهرهم بالاجتماع ودعاء المستطاع، ولكونهم كاذبين في جزمهم بنسبته إلى