ولما كان هذا نظرهم فيما بينهم وبين بقية الحيوانات بما أعطاهم من القوى الحسية والمعنوية وما نصب لهم، المصاعد العقلية والمعارض النقلية التي ينفذون بها إلى غاية الكائنات ويتخللون بما يؤديهم إليه علمها إلى أعلى المخلوقات، ثم نظرهم فيما بين الحيوانات وبين النباتات ثم بينها وبين الجمادات دالاًّ دلالة واضحة على أنه سبحانه وتعالى يعطي من يشاء من يشاء، فلو أراد قواهم على النفوذ منها، ولو قواهم على ذلك لكان من أجل النعم، وأنه سبحانه قادر على ما يريد منهم، فلو شاء أهلكهم ولكنه يؤخرهم إلى آجالهم حلماً منه وعفواً منه عنهم، سبب عن ذلك قوله:{فبأيّ آلاء ربكما} أي المحسن إليكما المربي لكما بما تعرفون به قدرته على كل ما يريد {تكذبان *} أبنعمة السمع من جهة اليسار أو غيرها من جعلكم سواء في أنكم لا تقدرون على مخالفة مراده سواء ابتدأ بخلقكم أو اليوم المشهود وقد أشهدكم قبل على أنفسكم وعهد إليكم أو بتكشيط السماوات وقد شاهدتم تكشيط السحاب بعد بسطه أو بالجزاء وقد رأيتم الجزاء العاجل وشاهدتم ما أصاب الأمم الماضية.