بعض ما قيس به أن من قدر على هذه الوجوه من الإبداءات قدر على الإعادة، بل هي أهون في مجاري عاداتكم.
ولما كان علمهم بأمر النبات الذي هو الآية العظمى لإعادة الأموات أعظم من علمهم بجميع ما مضى، وكان أمره في الحرث وإلقاء البذر فيه أشبه شيء بالجماع وإلقاء النطفة، ولذلك سميت المرأة حرثاً، وصل بما مضى مسبباً عنه قوله منكراً عليهم:{أفرأيتم} أي أخبروني هل رأيتم بالبصر أو البصيرة ما نبهناكم عليه وفيما تقدم فتسبب عن تنبهكم لذلك أنكم رأيتم {ما تحرثون *} أي تجددون حرثه على سبيل الاستمرار بتهيئة أرضه للبذر وإلقاء البذر فيه.
ولما كانوا لا يدعون القدرة على الإنبات بوجه، وكان القادر عليه قادراً على كل شيء، وهم يعتقدون في أمر البعث ما يؤدي إلى الطعن في قدرته، كرر الإنكار عليهم فقال:{ءأنتم تزرعونه} أي تنبتونه بعد طرحكم البذر فيه وتحفظونه إلى أن يصير مالاً {أم نحن} خاصة، وأكد لما مضى بذكر الخبر المعلوم من السياق فقال:{الزارعون *} أي المنبتون له والحافظون، فالآية من الاحتباك بمثل ما مضى في أختها قريباً سواء.
ولما كان الجواب قطعاً: أنت الفاعل لذلك وحدك؟ قال موضحاً لأنه ما زرعه غيره بأن الفاعل الكامل من يدفع عما صنعه ما