كل ما أخبرنا به من البعث وعذاب النار الكبرى وما ينشأ فيها من شجرة الزقوم وغير ذلك مما ننيره لأولي البصائر والفهوم من العلوم، قال ابن برجان: فوزان قدح الزناد من الشجر، والزناد وزان الصيحة بهم ووزان إنشائه الأجسام وزان إنشائه الشجرة النار، ويتذكر بإنشائها في الشجر إنشاء الحياة في الأجسام وبإنشائها من غيبها أن النار الكبرى في غيب ما نشاهده، وهذا من آثار كونها في الجو - انتهى. وعلق بها سبحانه كثيراً من أسباب المعاش التي لا غنى عنها ليكون مذكراً لهم بما أوقدوا به حاضراً دائماً فيكون أجدر باتعاظهم {ومتاعاً} أي إنشاءً وبقاءً وتعميراً ونفعاً وإيصالاً إلى غاية المراد من الاستضائة والاصطلاء والإنضاج والتحليل والإذابة والتعقيد والتكليس، وهروب السباع وغير ذلك، والمراد أنها سبب لجميع ذلك {للمقوين} أي الجياع الذي أقوت بطونهم - أي خلت - من الفقر والإغناء من النازلين بالأرض القواء، والقواء بالكسر والمد أي القفر الخالية المتباعدة الأطراف البعيدة من العمران، وكل آدمي مهيأ للقواء فهو موصوف به وإن لم يكن حال الوصف كذلك، وقال الرازي: أقوى من الأضداد: اغتنى وافتقر، وقال أبو حيان: وهذه الأربعة التي ذكرها الله تعالى ووقفهم عليها من أمر خلقهم وما به قوام عيشهم من المطعوم والمشروب، والنار من أعظم الدلائل على البعث إذ فيها انتقال من شيء إلى شيء إحداث