هذا المنهج {لقسم لو تعلمون} أي لو تجدد لكم في وقت علم لعلمتم أنه {عظيم} وإقسامه لنا على ذلك ونحن أقل قدراً وأضعف أمراً إعلاماً بما له من الرحمة التي من عظمها أنه لا يتركنا سدى - كل ذلك ليصلح أنفسنا باتباع أمره والوقوف عند زجره، قال ابن برجان: ومن إتقانه جل جلاله في خليقته وحكمه في بريته أن جعل لكل واقع من النجوم الفلكية طالعاً يسمى بالإضافة إلى الواقع الرقيب دون تأخر، وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى:
{رب المشرقين ورب المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان}[الرحمن: ١٨] يجمع ذلك الشمس والقمر والنجوم وهي نجوم منازل القمر عددها ثمانية وعشرون منزلة سوى تحجبها الشمس فتمت تسع وعشرون منزلة يشتشرفها القمر، فربما استتر ليلة وربما استتر ليلتين، فالقمر ينزل في هذه المنازل كل ليلة منزلة حتى يتمها لتمام الشهر، وإما الشمس فإنها تقيم فيها أربعة عشر يوماً ويسمى حلولها في هذه المحال ثم طلوع المنزلة التي تليها لوقوع هذا رقيب لها نوء - انتهى، وهو يعني أن من تأمل هذه الحكم علم ما في هذا القسم من العظم، وأشبع القول فيها أبو الحكم، وبين ما فيها من بدائع النعم، ثم قال: ويفضل الله بفتح رحمته كما يشاء فينزل من السماء ماء مباركاً يكسر به من برد الزمهرير فيرطبه ويبرد من حر السعير فيعدله، وقسم السنة على أربعة فصول أتم فيها أمره في الأرض بركاتها وتقدير