وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل: هو معهم بعلمه، وأما المعية الخاصة فقوله تعالى:{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}[النحل: ١٢٨] وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {إنني معكما أسمع وأرى}[طه: ٤٦] وقال: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}[التوبة: ٤٠] يعني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، فهو مع موسى وهارون عليهما السلام دون فرعون، ومع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحبه رضي الله عنه دون أبي جهل وغيره من أعدائه، ومع الذين اتقوا والذين هم محسنون دون الظالمين المعتدين، فلو كان معنى المعية أنه بذاته في كل مكان تناقض الخبر الخاص والخبر العام، بل المعنى أنه مع هؤلاء بنصره وتأييده دون أولئك، وقوله تعالى:{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}[الزخرف: ٨٤] أي هو إله في السماء وإله في الأرض كما قال تعالى: {وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}[الروم: ٢٧] وكذلك في قوله تعالى: {وهو الله في السماوات وفي الأرض} كما فسره أئمة العلم كأحمد وغيره أنه المعبود في السماوات والأرض.
ولما كانت الأعمال منها ظاهر وباطن، عبر في أمرها باسم الذات دلالة على شمولها بالعلم والقدر وتنبيهاً على عظمة الإحاطة بها وبكل صفة من صفاته فقال:{والله} أي المحيط بجميع صفات الكمال، وقدم الجارّ لمزيد الاهتمام والتنبيه على تحقق الإخاطة