واللين والحدة لقبول التأثير يعد به كالبائن لما في الأرض، فلذلك سمي إيجاده إنزالاً، ولأن الأوامر بالإيجاد والإعدام تنزل من السماء على أيدي الملائكة لأن السماء محل الحوادث الكبار، والبدائع والأسرار، لأن الماء الذي هو أصله وأصل كل نام ينزل من السماء وتكون الأرض له بمنزلة الرحمن للنطفة.
ولما وقع التشوف إلى سبب إنزاله، قال:{فيه بأس} أي قوة وشدة وعذاب {شديد} لما فيه من الصلابة الملائمة للمضاء والحدة {ومنافع للناس} بما يعمل منه من مرافقهم ومعاونهم لتقوم أحوالهم بذلك، قال البيضاوي: ما من صنعة إلا والحديد آلتها. ولما كان التقدير: ليعلم الله من يعصيه ويخذل أولياءه، بوضع بأسه في غير ما أمر به نصرة لشيطانه وهواه وافتنانه، عطف عليه قوله:{وليعلم الله} أي الذي له جميع العظمة علم شهادة لأجل إقامة الحجة بما يليق بعقول الخلق فيكون الجزاء على العمل لا على العلم، وأوقع ضمير الدين عليه سبحانه تعظيماً له لأنه شارعه فقال:{من ينصره} أي يقبل مجداً على الاستمرار على نصر دينه {ورسله} بالذب عنهم والدعاء إليهم، كاثناً ذلك النصر {بالغيب} من الوعد والوعيد، أي بسبب تصديق