للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهوعنهم راض، فسمَّى عليًا وعثمان والزبير وطلحة وسعدًا وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعدًا فهو: ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة ....... فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان (١)، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقِدَمُ في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن وَلَتُطيعَن، ثم خلا بالآخر فقال له: مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه)) (٢)

وجه الدلالة: أن الصحابي عمر -رضي الله عنه- عهد إلى الصحابة، وأوصى، وجعل الخلافة إلى أهل الشورى، فقبل الصحابة عهده، وأجمعوا على قبول وصاياه وعهده. فلما كان حكم الحياة باقيًا، كان الثاني مفوتًا لها، فكان هو القاتل، كما لو قتل عليلًا لا يرجى برء علته. (٣)

* * *

[المطلب الثالث: البلوغ شرط في القصاص.]

* قال ابن قدامة -رحمه الله-: (وكل موضع وجب تأخير الاستيفاء، فإن القاتل يحبس حتى يبلغ الصبي .... وقد حبس معاوية (٤) هدبة بن خشرم (٥) في قصاص حتى بلغ ابن القتيل (٦)، في عصر الصحابة، فلم


(١) المراد بالشيخين: هما علي وعثمان -رضي الله عنهما-. انظر: «عمدة القاري»، للعيني (١٦/ ٢١٣)
(٢) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب فضائل الصحابة باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان) (٥/ ١٥) رقم (٣٧٠٠)
(٣) انظر: «المغني»، (١١/ ٥٠٧)، ««العدة شرح العمدة»، لبهاء الدين المقدسي (٢/ ١٢٩) «المبدع في شرح المقنع»، (٧/ ٤٠٢)
(٤) هو: معاوية بن صخر بن حرب، ولد قبل البعثة بخمس سنين وهو: الأشهر، روى عن أبي بكر، وعمر -رضي الله عنهما-، وروى عنه: ابن عباس وابن الزبير -رضي الله عنهما-، وهو: أحد الذين كتبوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وولاه عمر -رضي الله عنه- على الشام عند موت أخيه يزيد. قال أبو نعيم: (كان من الكتبة الحسبة الفصحاء، حليمًا وقورًا). مات سنة (٦٠ هـ) على الصحيح. «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (٣/ ١٤١٦) «الإصابة في تمييز الصحابة» (٦/ ١٢٠)
(٥) هو: هدبة بن الخشرم بن كرز بن أبي حية، أبوسليمان، وهو شاعر مفلق كثير الأمثال في شعره وهو: قاتل ابن عمه زيادة بن زيد العذري في أيام معاوية فحبسه سعيد بن العاص وهو: على المدينة خمس سنين أو ستاً إلى أن بلغ المسور بن زيادة وكان صغيراً فقتله بأبيه. وقال معاويه المسور أحق بدم أبيه. «معجم الشعراء»، للمرزباني (٤٨٣) «الوافي بالوفيات» (٢٧/ ١٩٦)
(٦) اسم الغلام المسور بن زيادة واسم المقتول زيادة ابن زيد. «تاريخ دمشق» لابن عساكر (٧٣/ ٣٦٧)

<<  <   >  >>