للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: حكم القاضي لنفسه.]

* قال ابن قدامة -رحمه الله-: (وليس للحاكم أن يحكم لنفسه، كما لا يجوز أن يشهد لنفسه، فإن عرضت له حكومة مع بعض الناس، جاز أن يحاكمه إلى بعض خلفائه، أو بعض رعيته؛ فإن عمر حاكم أبيَّا (١) إلى زيد، وحاكم رجلًا عراقيَّا إلى شريح، وحاكم علي اليهودي إلى شريح، وحاكم عثمان طلحة (٢) إلى جبير بن مطعم (٣) (٤)

* وقال المرداوي -رحمه الله-: (قوله: ولا يحكم لنفسه … حكمه لنفسه لا يجوز ولا يصح، بلا نزاع) (٥)

* وقال البهوتي -رحمه الله-: (ولا يجوز ولا يصح أن يحكم القاضي لنفسه لأنه لا يجوز أن يشهد لها، ويتحاكم هو: وخصمه إلى قاض آخر أو بعض خلفائه، لأن عمر حاكم أبيًا إلى زيد وحاكم عثمان طلحة إلى جبير.) (٦)

واستدلوا بقول الصحابي:

١ - قال الشعبي: ((كان بين عمر، وأُبَيٍّ -رضي الله عنهما- خصومة فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا قال: فجعلا بينهما زيد بن ثابت قال: فأتوه قال: فقال عمر -رضي الله عنه- أتيناك؛ لتحكم بيننا وفي بيته يؤتى الحكم قال: فلما دخلوا عليه أجلسه معه على صدر فراشه قال: فقال: هذا أول جور جرت في


(١) هو: أُبّيَّ بن كعب بن قيس، أبو المنذر، روى عنه: ابن عباس وأبي هريره كان من أصحاب العقبة الثانية، وشهد بدرا والمشاهد كلها. وأخرج الأئمة أحاديثه في صحاحهم، وعده مسروق في الستة من أصحاب الفتيا. قال الواقدي: وهو أول من كتب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، واختلف في وفاته والأثبت أنها سنة (٣٠ هـ) انظر: «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (١/ ١٦٥) «الإصابة في تمييز الصحابة» (١/ ١٨١)
(٢) هو: طلحة بن عبيد الله القرشي، أبو محمد، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعنه بنوه: يحيى، وموسى، من السابقين الأولين إلى الإسلام ومن العشرة المبشرين بالجنة، وأحد أصحاب الشورى لم يشهد بدرًا لأنه كان بالشام وشهد أحد ووقى النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه، واتقى النبل عنه بيده حتى شلت إصبعه. قتل سنة (٣٦ هـ) ـ. «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (٣/ ٨٤) «الإصابة في تمييز الصحابة» (٣/ ٤٣٠)
(٣) هو: جبير بن مطعم بن عدي القرشي، أبو محمد، روى عنه من الصحابة: سليمان بن صرد، وعبد الرحمن بن أزهر، كان من أكابر قريش وعلماء النسب، وقدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- في فداء أسارى بدر، فسمعه يقرأ سورة الطور. قال: فكان ذلك أول ما دخل الإيمان في قلبي. وأسلم بين الحديبية والفتح، وقيل في الفتح، مات سنة (٥٧ هـ) وقيل (٩٥ هـ)، انظر: ««الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (١/ ٢٣٢) «الإصابة في تمييز الصحابة» (١/ ٥٧٠)
(٤) «المغني» (١٤/ ٩١)
(٥) «الإنصاف» (٢٨/ ٣٦٧)
(٦) «كشاف القناع» (١٥/ ٨٩)

<<  <   >  >>