للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدعي على مسلم، فدعاه بالبينة، فقال: ما يحضرني اليوم بينة، فأحلف له المطلوب، ثم جاءه المدعي بعد ذلك بالبينة، فقضى له بها. وقال: البينة العادلة أحب إلي من اليمين الفاجرة)) (١)

وجه الدلالة: أن ظاهر هذه البينة الصدق، ويلزم من صدقها فجور اليمين المتقدمة، فتكون أولى ولذلك قضى بها عمر -رضي الله عنه- (٢)

ثانيًا: المعقول وذلك من وجهين:

الأول: أن كل حالة يجب عليه الحق فيها بإقراره يجب عليه بالبينة كما قبل اليمين.

الثاني: أن اليمين لو أزالت الحق لاجترأ الفسقة على أخذ أموال الناس. (٣).

* * *

[المطلب العاشر: أمد الحق الغائب.]

* قال ابن قدامة: (فإن سأل خصمه الإنظار ليجرحهما، أنظر ثلاثا، لما روي عن عمر -رضي الله عنه-، أنه قال في كتابه إلى أبي موسى: واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة، أخذت له حقه، وإلا استحللت القضية عليه، فإنه أنفى للشك، وأجلى للعمى. وإن قال: لي بينة بالقضاء أو الإبراء، أمهل ثلاثا، فإن لم يأت بها، حلف المدعي على نفي ذلك، وقضى له، وله ملازمته إلى أن يقيم بينة بالجرح أو القضاء؛ لأن الحق قد ثبت في الظاهر) (٤)


(١) أخرجه ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات»، (٨/ ١٦٩) قال ابن حجر في «الفتح» (وذكر بن حبيب في الواضحة بإسناد له عن عمر … ) (٥/ ٢٨٨) وابن حبيب قال عنه الداوودي في «طبقات المفسرين» (كان ثقة فقيهًا حافظًا، من الفقهاء المعدودين، والأئمة المشهو: رين) (٢/ ٣٤٢)، محمّد بن سحنون= قال الذهبي -رحمه الله- في «تاريخ الإسلام» (وكان خبيرا بمذهب مالك، عالما بالآثار. قال يحيى بن عمر: كان ابن سحنون من أكبر الناس حجة وأتقنهم لها)، (٦/ ٤٠٣)، عبد الله بن وهب= قال ابن حجر -رحمه الله- في «التقريب» (ثقة حافظ، عابد) (ص ٣٢٨)
(٢) انظر: «المغني» (١٤/ ٢٢٠)
(٣) «المبدع في شرح المقنع» (٨/ ١٩١) «كشاف القناع» (٦/ ٣٤٠)
(٤) «الكافي» (٤/ ٤٦٣)

<<  <   >  >>