للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خرا معا كلاهما تكسرا

وذلك أن الأعمى كان يقوده بصير فوقعا في بئر، فوقع الأعمى على البصير، فمات البصير، فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى.)) (١)

وجه الدلالة: أن الصحابي عمر -رضي الله عنه- قضى وأوجب بالدية للبصير على عاقلة الأعمى

ثانيًا: المعقول

وذلك أن الأول وهو: البصير كما في المسألة مات من سقوط، الثاني وهو: الأعمى فيكون هو: قاتله. فوجبت الدية على عاقلة الثاني؛ كما لو باشره بالقتل خطأ. (٢)

وعرض ابن قدامة -رحمه الله- مناقشتة قائلًا:

أنه لو قال قائل: ليس على الأعمى ضمان البصير؛ لأنه الذي قاده إلى المكان الذي وقعا فيه، وكان سبب وقوعه عليه، ولذلك لو فعله قصدًا لم يضمنه، بغير خلاف، وكان عليه ضمان الأعمى، ولو لم يكن سببًا لم يلزمه ضمان بقصده. لكان له وجه، إلا أن يكون مجمعًا عليه، فلا تجوز مخالفة الإجماع.

ويحتمل أنه إنما لم يجب الضمان على القائد وهو البصير لوجهين:

الأول: أنه مأذون فيه من جهة الأعمى، فلم يضمن ما تلف به، كما لو حفر له بئرًا في داره بإذنه، فتلف بها.

الثاني: أنه فعل مندوب إليه، مأمور به، فأشبه ما لو حفر بئرًا في سابلة ينتفع بها المسلمون، فإنه لا يضمن ما تلف بها. (٣)

* * *

[المطلب السابع: من ادعى فقد بصر العين.]

* قال ابن قدامة -رحمه الله-: (إن ذكر أن إحداهما نقصت، عصبت المريضة، وأطلقت الصحيحة، ونصب له شخص فيباعد عنه، فكلما قال: رأيته. فوصف لونه، علم صدقه، حتى تنتهي، فإذا انتهت علم موضعها، ثم تشد الصحيحة، وتطلق المريضة، وينصب له شخص، ثم يذهب حتى تنتهي رؤيته، ثم يدار الشخص إلى جانب آخر، فيصنع به مثل ذلك، ثم يعلمه عند المسافتين، ويذرعان، ويقابل


(١) أخرجه الدارقطني في «سننه»، (٤/ ٩١) رقم (٣١٥٤)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (٥/ ٤٤٩) رقم (٢٧٨٧٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى»، (٨/ ١٩٥) رقم (١٦٤٠٢) وقال ابن حجر في «التلخيص الحبير»: (فيه انقطاع)، (٤/ ١٠٣)
(٢) انظر: «الممتع في شرح المقنع» (٤/ ١٠٥) «المبدع في شرح المقنع» (٧/ ٢٧٦) «كشاف القناع»، (٦/ ١٣)
(٣) انظر: «المغني» ((١٢/ ٨٤)

<<  <   >  >>