للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش: بأن هذه الآيات غير محمولة على مسألة قول الصحابي إذا لم يعلم قوله ولم ينتشر، (قول الواحد منهم منفرد). (١)

ثانيًا: المعقول. وذلك من وجهين:

الأول: أن الصحابي غير معصوم، وجائز عليه الخطأ، ولا دليل على عصمته، وبالتالي فقوله يحتمل جانبين: جانب الصواب، وجانب الخطأ، كبقية المجتهدين فلا يقدم قوله على القياس (٢)

ونوقش: كونه غير معصوم من الخطأ لا يعتبر مانعًا في اتباع قوله، فكما تثبتون أن المجتهد واجب الاتباع وهو غير معصوم، وقوله يحتمل للصواب وللخطأ، فالواجب عليكم القول بحجية قول الصحابي من باب أولى في جعل قوله حجة (٣) وتجويز الخطأ لا يمنع الاحتجاج به، كخبر الواحد والقياس. (٤)

الثاني: إجماع الصحابة على جواز مخالفة كل منهم ي للآخر، وهذا دليل على عدم وجوب اتباع الصحابي لرأي الصحابي الآخر. (٥)

ونوقش: أن قول الصحابي على صحابي آخر ليس حجة اتفاقًا، وهذا خارج مسألة النزاع؛ لأن النزاع في قول الصحابي إذا لم يُعْلَم له مخالف، ولم ينتشر (٦).

* * *

[المطلب الخامس: الترجيح.]

بعد عرض أدلة القائلين بحجية مذهب الصحابي وأدلة النافين له، يظهر للباحثة والعلم عند الله حجية مذهب الصحابي، وذلك للأدلة التي نصت على فضلهم، ومكانة علمهم، وموافقتهم للصواب، وملازمتهم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخذ التابعين عنهم واقتفائهم لأقوالهم واجتهاداتهم، كما هو معروف عند الأئمة الأربعة -رحمهم الله- في طيات كتبهم الفقهية وخاصة الإمام أحمد -رحمه الله-. كل هذا يجعل لمذهب الصحابي قوة ليكون دليلاً من أدلة التشريع الإسلامي، يستدل به في الفروع الفقهية. وقد رجحه أكثر الحنابلة -رحمهم الله-، ومنهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وغيرهم. قال ابن تيمية -رحمه الله-: (وقد تأملت من هذا الباب ما شاء الله فرأيت الصحابة أفقه الأمة وأعلمها واعتبر هذا بمسائل الأيمان بالنذر وغير ذلك، وقد بينت فيما كتبته أن المنقول


(١) المصدر السابق (٤/ ١١٨٩)
(٢) انظر: «إتحاف ذوي البصائر»، للنملة (٤/ ٢٦٣)
(٣) انظر: المصدر السابق (٤/ ٢٦٣)
(٤) انظر: «العدة في أصول الفقه» (٤/ ١١٩٠)
(٥) انظر: «إتحاف ذوي البصائر» (٤/ ٢٦٣)
(٦) انظر: «إتحاف ذوي البصائر» (٤/ ٢٦٤ - ٢٦٥)

<<  <   >  >>