للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له عثمان -رضي الله عنه-: «أليس قد تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد تزوج أبو بكر -رضي الله عنه-، وتزوج عمر -رضي الله عنه-، وعندنا منهن ما عندنا؟». فقال: يا أمير المؤمنين، من له عمل مثل عمل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ومثل عملك؟ فلما قال: مثل عملك - قال: «كُف؛ إن شئتَ فتزوج، وَإن شئتَ فَلَا)). (١)

وجه الدلالة: علل عمرو بن عتبة لعثمان بن عفان -رحمه الله- بعدم رغبته بالنكاح بقوله ومن لي مثل عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعمل أبي بكر، وعمل عمر، وعملك -رضي الله عنهم-. فلم يعاتبه عثمان على تقديم نوافل العبادات على عدم رغبته بالنكاح؛ فدل على تقديمها على النكاح.

نوقش: بأن هذا الأثر دال على عدم وجوب النكاح وهذا يقول به أصحاب القول الأول. (٢)

الترجيح:

الراجح والله أعلم هي الرواية الأولى وأن الاشتغال بالنكاح أفضل من الاشتغال بنوافل العبادات، وهو المذهب عند الحنابلة. ورجحه ابن قدامة -رحمه الله- (٣)، وابن القيم -رحمه الله- (٤) وغيرهم (٥) وتبع ذلك الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- فقال: (النكاح إذا كان لدى الإنسان شهوة، وعنده مال يستطيع به القيام بواجبه فإنه أفضل من نوافل العبادة.) (٦)


(١) أخرجه ابن حجر في «المطالب العالية»، (٨/ ٢٧١) رقم (١٦٣٩). والبوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة»، (٤/ ٧) رقم (٣٠٦٨)، والبلاذري في «أنساب الأشراف»، (١٣/ ٣٢٤). وقال البوصيري في «المجردة»: (رواه إسحاق ورجاله ثقات.) (٤/ ٧)
(٢) انظر: «فتح الملك العزيز» (٥/ ١٢٧)
(٣) «المغني» (٩/ ٣٤٢)
(٤) «بدائع الفوائد» (٣/ ٦٨٠)
(٥) الحجاوي في «الزاد» (ص ١٦١) والبهوتي في «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٩٧)
(٦) «الشرح الممتع» لابن عثيمين (١٢/ ٧)

<<  <   >  >>