للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوا، وثبت بإزائهم المقدَّم الذي بحماة ومن معه من العَسْكر، ومن أتاه من مَدَد (١) دمشق، وعزموا على لقائهم، ونالوا أجرًا عظيمًا. وقد قيل: إنهم كانوا عدة طمانات (٢)، إما ثلاثة، أو أربعة، وكان من المقدَّر أنه إذا عزم الأمر وصدق المؤمنون الله يُلْقِي في قلوب عدوِّهم الرُّعبَ فيهربون، لكن أصابوا من البُليدَات (٣) بالشَّمال مثل تيزين (٤)، والفُوعة، ومعرَّة مَصْرِين، وغيرها ما لم يكونوا وَطِئوه في العام الماضي.

وقيل: إنَّ كثيرًا من تلك البلاد كان فيهم مَيلٌ إليهم بسبب الرَّفض، وأنَّ عند بعضهم قرابين (٥) منهم، لكن هؤلاء ظَلَمة، ومَنْ أعان ظالمًا بُلي به، والله تعالى يقول: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: ١٢٩].

وقد ظاهروهم (٦) على المسلمين: الذينَ كفروا من أهل الكتاب، من أهل سيس (٧) والإفرنج. فنحن نرجو من الله أن يُنْزِلَهم من صياصيهم ــ وهي


(١) ليست في (ف، ك).
(٢) كذا بالأصل، وفي (ق): «ظمانات»، و (ك): «لحمانات»، وفي «الفتاوى»: (٢٨/ ٤٦٥): «كمانات».
(٣) (ف): «البلدان».
(٤) بالأصل: «تبريز»، و (ق): «نرامين» كلاهما تحريف. وكلّها من قرى حلب. انظر «معجم البلدان»: (٢/ ٦٦، ٤/ ٢٨٠، ٥/ ١٥٥) على التوالي.
(٥) كذا في الأصل و (ق)، وفي (ف، ك): «فرامين» ولعله الأنسب، والفرامين جمع فرمان، وهو المرسوم السلطاني. انظر «معجم المصطلحات والألقاب التاريخية» (ص ٣٣٨).
(٦) (ف، ك): «ظاهرهم».
(٧) سيسة وعامة أهلها يقولون: سيس. كانت من أعظم مدن الثغور الشامية بين أنطاكية وطرسوس. «معجم البلدان»: (٣/ ٢٩٧). وقال شيخ الإسلام ــ عن طرسوس وهي بأرض سيس ــ في «مجموع الفتاوى»: (١٣/ ١٨٣): «وكانت إذ ذاك أعظم ثغور بغداد ومن أعظم ثغور المسلمين، يقصدها أهل الدين من كل ناحية ويرابطون بها، رابط بها الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والسّرِيّ السقطي، وغيرهما، وتولى قضاءها أبو عبيد، وتولى قضاءها أيضًا صالح بن أحمد بن حنبل، ولهذا ذُكِرت في كتب الفقه كثيرًا، فإنها كانت ثغرًا عظيمًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>