رُكْنٌ إِنْ تَرَكَهُ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْهُ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَطُوفَهَا. وَصِفَتُهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ لَا رَمَلَ فِيهَا وَلَا سَعْيَ بَعْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ لِلْقُدُومِ رَمَلَ وَسَعَى، وَحَلَّ لَهُ النِّسَاءُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ بَعْدَ الزَّوَالِ يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَهَا مَعَ النَّاسِ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
رُكْنٌ إِنْ تَرَكَهُ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْهُ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَطُوفَهَا.
وَصِفَتُهُ: أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ لَا رَمَلَ فِيهَا وَلَا سَعْيَ بَعْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ لِلْقُدُومِ رَمَلَ وَسَعَى وَحَلَّ لَهُ النِّسَاءُ) وَيُسَمَّى أَيْضًا طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَطُوفَهُ أَوَّلَ أَيَّامِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ذَبَحَ وَحَلَقَ وَمَشَى إِلَى مَكَّةَ، فَطَافَ لِلزِّيَارَةِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ، وَوَقْتُ الطَّوَافِ أَيَّامَ النَّحْرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] ، ثُمَّ قَالَ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] جَعَلَ وَقْتَهُمَا وَاحِدًا، فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهَا لَزِمَهُ شَاةٌ، وَكَذَا إِذَا أَخَّرَ الْحَلْقَ عَنْهَا أَوْ أَخَّرَ الرَّمْيَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ اسْتَدْرَكَ مَا فَاتَهُ ; وَلَهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا عَلَى نُسُكٍ فْعَلَيْهِ دَمٌ» وَلِأَنَّ مَا هُوَ مُؤَقَّتٌ بِالْمَكَانِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ يَجِبُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ دَمٌ، فَكَذَا مَا هُوَ مُؤَقَّتٌ بِالزَّمَانِ وَهُوَ رُكْنٌ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا} [الحج: ٢٩] فَكَانَ فَرْضًا، فَإِنْ تَرَكَهُ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْهُ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَطُوفَهَا. أَمَّا إِذَا تَرَكَهُ فَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ رُكْنٌ. وَأَمَّا إِذَا تَرَكَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ أَصْلًا، وَلَا رَمَلَ فِيهِ وَلَا سَعْيَ بَعْدَهُ إِنْ كَانَ أَتَى بِهِمَا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ لِأَنَّهُمَا شُرِعَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُمَا أَتَى بِهِمَا فِي هَذَا الطَّوَافِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَحَلَّ لَهُ النِّسَاءُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا طُفْتُمْ بِالْبَيْتِ حَلَلْنَ لَكُمْ» وَلِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ الَّتِي عَقَدَ لَهَا الْإِحْرَامَ، وَيَطُوفُ عَلَى قَدَمَيْهِ حَتَّى لَوْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا لِغَيْرِ عُذْرٍ أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ ; وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَافَ رَاكِبًا» مَحْمُولٌ عَلَى الْعُذْرِ حَالَةَ الْكِبَرِ وَكَذَا التَّيَامُنُ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الطَّوَافِ عَنْ يَمِينِهِ مِنْ بَابِ الْكَعْبَةِ حَتَّى لَوْ طَافَ مَنْكُوسًا أَوْ أَكْثَرَهُ أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِذَا طَافَ لِلزِّيَارَةِ عَادَ إِلَى مِنًى فَبَاتَ بِهَا لَيَالِيهَا، وَالْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ) وَهُوَ حَادِي عَشَرَ الشَّهْرِ وَيُسَمَّى يَوْمَ الْقَرِّ لِأَنَّهُمْ يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى.
(رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ بَعْدَ الزَّوَالِ) يَبْتَدِئُ بِالَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ.
(يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَهَا مَعَ النَّاسِ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ) يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ بَسْطًا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو اللَّهَ بِحَاجَتِهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute