للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ يَرْمِيهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنَ النَّحْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَكَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ إِنْ أَقَامَ، وَإِنْ نَفَرَ إِلَى مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَإِذَا نَفَرَ إِلَى مَكَّةَ نَزَلَ بِالْأَبْطَحِ وَلَوْ سَاعَةً، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ وَيُقِيمُ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ إِلَى أَهْلِهِ طَافَ طَوَافَ الصَّدَرِ، وَهُوَ سَبْعَةُ أَشْوَاطٍ لَا رَمَلَ فِيهَا وَلَا سَعْيَ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْآفَاقِيِّ، ثُمَّ يَأْتِي زَمْزَمَ يَسْتَقِي بِنَفْسِهِ وَيَشْرَبُ إِنْ قَدَرَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

أَنَّهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَفْضْتُ، وَمِنْ عَذَابِكَ أَشْفَقْتُ، وَإِلَيْكَ رَغِبْتُ، وَمِنْكَ رَهِبْتُ، فَاقْبَلْ نُسُكِي وَعَظِّمْ أَجْرِي وَارْحَمْ تَضَرُّعِي وَاقْبَلْ تَوْبَتِي وَاسْتَجِبْ دَعْوَتِي وَأَعْطِنِي سُؤْلِي، ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى فَيَفْعَلُ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَأْتِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَلَوْ لَمْ يَقِفْ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لِلدُّعَاءِ.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ يَرْمِيهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ) كَمَا وَصَفْنَا.

(وَكَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ إِنْ أَقَامَ) وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ صِفَةِ الرَّمْيِ وَالْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ مَرْوِيٌّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ: (وَإِنْ نَفَرَ إِلَى مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٢٠٣] وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يَرْمِيَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ لِأَنَّهُ أَتَمَّ لِنُسُكِهِ، فَلَوْ رَمَاهَا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ قَبْلَ الزَّوَالِ جَازَ. وَقَالَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ وَقْتَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ تَرْكُ الرَّمْيِ أَصْلًا فَلَأَنْ يَجُوزَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

قَالَ: (فَإِذَا نَفَرَ إِلَى مَكَّةَ نَزَلَ بِالْأَبْطَحِ وَلَوْ سَاعَةً) وَهُوَ الْمُحَصَّبِ وَهُوَ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَزَلَ بِهِ قَصَدًا وَهُوَ نُسُكٌ، كَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ وَيُقِيمُ بِهَا) وَيُكْثِرُ فِيهَا مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ كَالطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَنِبُ إِنْشَادَ الشِّعْرِ وَحَدِيثَ الْفُحْشِ وَمَا لَا يَعْنِيهِ، فَفِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ، «أَنَّ الْحَسَنَةَ فِيهِ تُضَاعَفُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَكَذَلِكَ السَّيِّئَةُ» ، وَلِهَذَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُجَاوَرَةَ خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فَيَتَضَاعَفُ عَلَيْهِ الْعِقَابُ بِتَضَاعُفِ السَّيِّئَاتِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَمْلِكُهَا عَمَّا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ، فَالْمُجَاوَرَةُ أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ.

قَالَ: (فَإِذَا أَرَادَ الْعَوْدَ إِلَى أَهْلِهِ طَافَ طَوَافَ الصَّدَرِ) وَيُسَمَّى طَوَافَ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُ يَصْدُرُ عَنِ الْبَيْتِ وَيُوَدِّعُهُ.

(وَهُوَ سَبْعَةُ أَشْوَاطٍ لَا رَمَلَ فِيهَا وَلَا سَعْيَ) لِمَا بَيَّنَّا.

(وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْآفَاقِيِّ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلْيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ بِهِ الطَّوَافَ» بِخِلَافِ الْمَكِّيِّ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ وَلَا يُوَدِّعُهُ.

(ثُمَّ يَأْتِي زَمْزَمَ يَسْتَقِي بِنَفْسِهِ وَيَشْرَبُ إِنْ قَدَرَ) فَهُوَ أَفْضَلُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَتَى زَمْزَمَ وَنَزَعَ بِنَفْسِهِ دَلْوًا فَشَرِبَ ثُمَّ أَفْرَغَ مَاءَ الدَّلْوِ عَلَيْهِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>