وَالْمُبْتَدِئُ وَالْعَائِدُ وَالنَّاسِي وَالْعَامِدُ سَوَاءٌ. وَالْجَزَاءُ أَنْ يُقَوِّمَ الصَّيْدَ عَدْلَانِ فِي مَكَانِ الصَّيْدِ، أَوْ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْهُ ثُمَّ إِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ هَدْيًا فَذَبَحَهُ، وَإِنْ شَاءَ طَعَامًا فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، فَإِنْ فَضَلَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ إِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ يَوْمًا
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فِيهَا، وَصَيْدُ الْبَرِّ مَا كَانَ تَوَالُدُهُ فِي الْبَرِّ. أَمَّا الْجَزَاءُ عَلَى الْقَاتِلِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] أَوْجَبَ الْجَزَاءَ عَلَى الْقَاتِلِ. وَأَمَّا الدَّالُّ فَلِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الصَّيْدِ الْأَمْنَ لِأَنَّ بَقَاءَ حَيَاةِ الصَّيْدِ بِأَمْنِهِ، فَإِنَّهُ اسْتَحَقَّ الْأَمْنَ إِمَّا بِالْإِحْرَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] أَوْ بِدُخُولِهِ الْحَرَمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] فَإِذَا دَلَّ عَلَيْهِ فَقَدْ فَوَّتَ الْأَمْنَ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ كَالْمُبَاشِرِ، وَلِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ. وَالدَّلَالَةُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْلُولُ عَالِمًا بِهِ، وَيُصَدِّقَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، أَوْ كَذَّبَهُ وَدَلَّهُ آخَرُ فَصَدَّقَهُ فَالْجَزَاءُ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ أَعَارَهُ سِكِّينًا لِيَقْتُلَ الصَّيْدَ إِنْ كَانَ مَعَهُ سِكِّينٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَتْلِهِ لَا بِالْإِعَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِكِّينٌ فَعَلَى الْمُعِيرِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِ بِإِعَارَتِهِ.
(وَالْمُبْتَدِئُ وَالْعَائِدُ وَالنَّاسِي وَالْعَامِدُ سَوَاءٌ) لِوُجُودِ الْجِنَايَةِ مِنْهُمْ وَهُوَ الْمُوجِبُ.
قَالَ: (وَالْجَزَاءُ أَنْ يُقَوِّمَ الصَّيْدَ عَدْلَانِ فِي مَكَانِ الصَّيْدِ، أَوْ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْهُ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ هَدْيًا فَذَبَحَهُ، وَإِنْ شَاءَ طَعَامًا فَتَصَدَّقَ بِهِ، عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، فَإِنْ فَضَلَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ، إِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ يَوْمًا) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] . وَالْأَصْلُ فِي الْمِثْلِ أَنْ يَكُونَ مُمَاثِلًا صُورَةً وَمَعْنًى، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمِثْلِ صُورَةً؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ خَرَجَ عَنِ الْإِرَادَةِ بِالْإِجْمَاعِ كَالْعُصْفُورِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَبْقَى الْبَاقِي مُرَادًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمِثْلُ مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ كَمَا فِيمَا لَا نَظِيرَ لَهُ، وَكَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْجَزَاءِ الْقِيمَةُ يُقَوِّمُ الْعَدْلَانِ اللَّحْمَ لَا الْحَيَوَانَ فِي مَكَانِ الصَّيْدِ إِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ فِيهِ الصُّيُودُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُبَاعُ فِيهِ كَالْبَرِيَّةِ فَفِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْهُ، ثُمَّ الْخِيَارُ لِلْقَاتِلِ إِنْ شَاءَ اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ هَدْيًا، وَهُوَ مَا تَجُوزُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ إِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ذَلِكَ، وَيَذْبَحُهُ بِمَكَّةَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ مَا تَجُوزُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ لَا يَذْبَحْهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ ; وَقَالَا: يَذْبَحُهُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] وَلِأَنَّهُ يَتَقَرَّبُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ إِذَا وَلَدَتْهُ الْأُضْحِيَّةُ وَالْهَدْيُ فَإِنَّهُ يُذْبَحُ مَعَ أُمِّهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى التَّقَرُّبَ بِالْإِرَاقَةِ لِكَوْنِهِ إِيلَامَ الْبَرِيِّ عَلَى مَا عُرِفَ وَإِنَّمَا خَالَفْنَاهُ فِي مَوَارِدِ النَّصِّ وَهِيَ الْأُضْحِيَّةُ وَالْمُتْعَةُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِمَا هَذَا فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute