أَخَذَ الْمَالَ، وَلَا يَقُولُ: سَرَقَ؛ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى الزِّنَا إِلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ مِنَ الرِّجَالِ، وَبَاقِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، وَمَا سِوَاهُمَا مِنَ الْحُقُوقِ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (ف) ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
أَخَذَ الْمَالَ) إِحْيَاءً لِحَقِّ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ.
(وَلَا يَقُولُ: سَرَقَ) إِقَامَةً لِحِسْبَةِ السَّتْرِ.
قَالَ: (وَلَا يُقْبَلُ عَلَى الزِّنَا إِلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةٍ مِنَ الرِّجَالِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} [النور: ٤] ؛ وَقَوْلُهُ: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّذِي قَذَفَ زَوْجَتَهُ: «ائْتِنِي بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ وَإِلَّا فَضَرْبٌ فِي ظَهْرِكَ» .
قَالَ: (وَبَاقِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ) ، قَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «شَاهَدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَلَا تَقْبَلُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ.
قَالَ: (وَمَا سِوَاهُمَا مِنَ الْحُقُوقِ تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] وَأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي سِيَاقِ الْمُدَايَنَاتِ بِالْأَجَلِ فَتُقْبَلُ فِيهَا. وَعَنْ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ» وَلِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِالْآيَةِ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِوُجُودِ الْمُشَاهَدَةِ وَالْحِفْظِ وَالْأَدَاءِ كَالرَّجُلِ، وَزِيَادَةُ النِّسْيَانِ تُجْبَرُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] بَقِيَ شُبْهَةُ الْبَدَلِيَّةِ، فَلِهَذَا قُلْنَا لَا تُقْبَلُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ.
قَالَ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةُ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «شَهَادَةُ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ» وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَلَا يُمْكِنُ الرِّجَالَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النِّسَاءُ عَلَى الِانْفِرَادِ فَوَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِنَّ عَلَى الِانْفِرَادِ تَحْصِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ، وَتُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبِلَ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْوِلَادَةِ» ؛ وَلِأَنَّ مَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ النِّسَاءِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ كَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ، وَالثِّنْتَانِ أَحْوَطُ، وَالثَّلَاثُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، وَبِالْأَرْبَعِ يُخْرَجُ عَنِ الْخِلَافِ. وَأَحْكَامُ الشَّهَادَةِ فِي الْوِلَادَةِ تُعْرَفُ فِي الطَّلَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا الْبَكَارَةُ فَإِنَّ الْعِنِّينَ يُؤَجَّلُ سُنَّةً وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَهَا إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا بِكْرٌ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ؟ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ، وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ حَقًّا عَلَى الْغَيْرِ فَكَانَتْ شَهَادَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute