وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ دُونَ الْإِرْثِ (سم) ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْعَدَالَةِ وَلَفْظَةِ الشَّهَادَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَيُقْتَصَرُ فِي الْمُسْلِمِ عَلَى ظَاهِرِ عَدَالَتِهِ (سم ف) ، إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، فَإِنْ طَعَنَ فِيهِ الْخَصْمُ سَأَلَ عَنْهُ. وَقَالَا: يُسْأَلُ عَنْهُمْ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ دُونَ الْإِرْثِ) أَمَّا الصَّلَاةُ فَبِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهَا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، وَأَمَّا الْإِرْثُ فَمَذْهَبُهُ. وَقَالَا: تُقْبَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ صَوْتٌ يَكُونُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ، وَتِلْكَ حَالَةٌ لَا يَحْضُرُهَا الرِّجَالُ، فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِنَّ لِمَا مَرَّ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُمْ سَمَاعُ صَوْتِهِ، فَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ وَالْمَهْرِ، وَكَذَا لَا يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مَتَى ثَبَتَتْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا زَوَالُ مِلْكِ النِّكَاحِ، وَإِبْطَالُ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ؛ وَلِأَنَّهُ مِمَّا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ فَلَا ضَرُورَةَ.
قَالَ: (وَلَا بُدَّ مِنَ الْعَدَالَةِ وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ) أَمَّا الْعَدَالَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ؛ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ وَيُنَفِّذُهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ الصِّدْقُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْعَدَالَةِ، إِلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا قَضَى بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ يَنْفُذُ عِنْدَنَا. وَأَمَّا لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: ٢٨٢] فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي طَلَبِ الشَّهَادَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِهَا؛ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ أَلْفَاظِ الْيَمِينِ عَلَى مَا يَأْتِيكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَيْمَانِ، فَيَكُونُ الِامْتِنَاعُ عَنْهَا عَلَى تَقْدِيرِ الْكَذِبِ أَكْثَرَ؛ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ يَنْفِي قَوْلَ الْإِنْسَانِ عَلَى الْغَيْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِلْزَامِهِ، إِلَّا أَنَّا قَبِلْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ، وَأَنَّهُ وَرَدَ مَقْرُونًا بِالشَّهَادَةِ. وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ، وَلَا وِلَايَةَ لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ عَلَى غَيْرِهِ؟ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] .
قَالَ: (وَيُقْتَصَرُ فِي الْمُسْلِمِ عَلَى ظَاهِرِ عَدَالَتِهِ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، فَإِنْ طَعَنَ فِيهِ الْخَصْمُ سَأَلَ عَنْهُ. وَقَالَا: يَسْأَلُ عَنْهُمْ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ» ، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ: الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا مَحْدُودًا حَقًّا أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute