وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا (س ف) . ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ (ف) إِلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الِاسْتِيفَاءَ فَيَمْلِكُهُ.
(وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ) لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي النَّاسِ، وَالْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقَاضِي بِدُونِ الْقَبْضِ.
قَالَ: (وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ عِنْدَ الْقَاضِي نَفَذَ وَإِلَّا فَلَا) ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَوَّلًا لَا يَنْفُذُ أَصْلًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يَجُوزُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ. لِزُفَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ يُضَادُّ الْخُصُومَةَ، وَالشَّيْءُ لَا يَتَنَاوَلُ ضِدَّهُ كَمَا لَا يَتَنَاوَلُ الصُّلْحَ وَالْإِبْرَاءَ، وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْوَكِيلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ إِقْرَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ كَالْمُوَكِّلِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَهُ فِي جَوَابٍ هُوَ خُصُومَةٌ فَيَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي، فَإِذَا أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ فَقَدْ أَقَرَّ فِي حَالَةٍ لَيْسَ وَكَيْلًا فِيهَا. وَجَوَابُ زُفَرَ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْجَوَابِ، وَالْجَوَابُ يَكُونُ بِالْإِنْكَارِ وَيَكُونُ بِالْإِقْرَارِ، وَكَمَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا بِمُطْلَقِ الْوَكَالَةِ يَمْلِكُ الْآخَرُ فَصَارَ كَمَا إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِنَفْسِهِ، وَالْإِقْرَارُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي خُصُومَةٌ مَجَازًا، لِأَنَّ الْخُصُومَةَ سَبَبٌ لَهُ، وَتَبْطُلُ وَكَالَتُهُ عِنْدَ مَنْ قَالَ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ تَضَمَّنَ إِبْطَالَ حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَمْلِكُهُ، وَإِبْطَالُ حَقِّهِ فِي الْخُصُومَةِ وَأَنَّهُ يَمْلِكُهُ فَيَبْطُلُ، وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُمَا عَلَى الصَّغِيرِ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُ الصَّغِيرِ فَكَذَا نَائِبُهُ، وَلِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا نَظَرِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ فِيهِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الزِّيَادَاتِ: لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ لَا يُقِرَّ جَازَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَرَوَى ابْنُ سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ إِنْ كَانَ طَالِبًا، لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ فَيُوَكِّلُ بِمَا يَشَاءُ، وَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ فَلَا يُوَكَّلُ بِمَا فِيهِ إِضْرَارٌ بِالطَّالِبِ.
قَالَ: (ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّ مَا يَقْبِضُهُ إِنَّمَا يَقْبِضُهُ مِنْ مَالِهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا.
(فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إِلَيْهِ ثَانِيًا) لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ لَمْ يَثْبُتِ الِاسْتِيفَاءُ.
(وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ إِنْ كَانَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ بِالدَّفْعِ وَهُوَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنَ الدُّيُونِ.
(وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ) لِأَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ فِي الْوَكَالَةِ فَقَدِ اعْتَرَفَ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِحَقٍّ وَأَنَّ الطَّالِبَ ظَالِمٌ لَهُ.
قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) لِأَنَّهُ دَفَعَهُ رَجَاءَ الْإِجَازَةِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ إِنْ أَعْطَاهُ مَعَ تَكْذِيبِهِ إِيَّاهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَعْطَاهُ مَعَ تَصْدِيقِهِ وَقَدْ ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ: أَيْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ ثَانِيًا مَضْمُونٌ عَلَى الْوَكِيلِ فِي زَعْمِهِمَا فَيَضْمَنُهُ، وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute