عَلَى الْمَأْذُونِ أَوِ افْتَرَقَ الشَّرِيكَانِ بَطَلَ تَوْكِيلُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ؛ وَإِذَا تَصَرَّفَ الْمُوَكِّلُ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ. وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ (سم) فِيهِ، وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ خِلَافًا لِزُفَرَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
عَلَى الْمَأْذُونِ أَوِ افْتَرَقَ الشَّرِيكَانِ بَطَلَ تَوْكِيلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ) ؛ لِأَنَّ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ لَمْ يَبْقَ لِلْمُوَكِّلِ مَالٌ وَانْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ فَيَقَعُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَجُوزُ وَصَارَ كَالْمَوْتِ؛ وَلَوْ وَكَّلَهُ وَقَالَ: كُلَّمَا عَزْلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي صَحَّ وَيَكُونُ لَازِمًا، وَطَرِيقُ عَزْلِهِ أَنْ يَقُولَ: عَزَلْتُكَ كُلَّمَا وَكَّلْتُكَ؛ وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَزْلَ عَنِ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ لَا يَصِحُّ، وَالْأَصَحُّ أَنْ يَقُولَ: رَجَعْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُكَ عَنِ الْوَكَالَةِ الْمُنْجَزَةِ.
قَالَ: (وَإِذَا تَصَرَّفَ الْمُوَكِّلُ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ) ، وَالْمُرَادُ تَصَرُّفًا يُعْجِزُ الْوَكِيلَ عَنِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمًا، وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَإِذَا كَانَ تَصَرُّفًا لَا يُعْجِزُهُ لَا يَنْعَزِلُ، كَمَا إِذَا أَذِنَ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ، لِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ عَنْ عَقْدٍ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرَى، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ الْمُوَكِّلُ بَطَلَتِ الْوَكَالَةُ وَلَوْ بَاعَاهُ مَعًا. قَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ لِلْمُشْتَرِي مِنَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَهُ فَكَانَ أَوْلَى.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَكِيلِ مِثْلُ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ عِنْدَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَ بَطَلَ بِبَيْعِ الْمُوَكِّلِ كَمَا إِذَا تَقَدَّمَ بَيْعُ الْمُوَكِّلِ بَطَلَ بَيْعُ الْوَكِيلِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا كَانَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ.
قَالَ: (وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ) خِلَافًا لَهُمَا، وَبِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ. لَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَبْضِ يَعْرِفُ الْخُصُومَةَ وَيَهْتَدِي إِلَى الْمُحَاكَمَةِ، فَلَا يَكُونُ الرِّضَى بِالْقَبْضِ رِضًا بِالْخُصُومَةِ. وَلَهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ نَفْسِ الدَّيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ، وَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ مَلَكَ الْمَطْلُوبَ حَقِيقَةً، وَبِالْقَبْضِ يَتَمَلَّكُهُ بَدَلًا عَنِ الدَّيْنِ، فَيَكُونُ وَكَيْلًا فِي حَقِّ التَّمْلِيكِ، وَلَا ذَلِكَ إِلَّا بِالْخُصُومَةِ وَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ، وَثَمَرَتُهُ إِذَا أَقَامَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ أَوْ إِبْرَائِهِ تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَهُوَ نَاقِلٌ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ بَاعَهُ إِيَّاهَا سُمِعَتْ فِي مَنْعِ الْوَكِيلِ مِنَ الْقَبْضِ دُونَ الْبَيْعِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ بِخَصْمٍ إِلَّا أَنَّهَا تَضَمَّنَتْ إِسْقَاطَ حَقِّهِ مِنَ الْقَبْضِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ، وَنَظِيرُهُ لَوْ وَكَّلَهُ بِنَقْلِ زَوْجَتِهِ أَوْ عَبْدِهِ فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ سُمِعَتْ فِي قَصْرِ يَدِهِ عَنْهُمَا، وَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ وَلَا الطَّلَاقُ لِمَا قُلْنَا، وَالْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْقِسْمَةِ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ، لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِالْخُصُومَةِ.
قَالَ: (وَالْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ خِلَافًا لِزُفَرَ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِخُصُومَتِهِ لَا بِقَبْضِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْخُصُومَةِ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْقَبْضِ. وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخُصُومَةِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْوَكَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute