الشَّرِكَةُ نَوْعَانِ: شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَشَرِكَةُ عَقْدٍ، فَشَرِكَةُ الْمِلْكِ نَوْعَانِ: جَبْرِيَّةٌ، وَاخْتِيَارِيَّةٌ، وَشَرِكَةُ الْعُقُودِ نَوْعَانِ: شَرِكَةٌ فِي الْمَالِ، وَشَرِكَةٌ فِي الْأَعْمَالِ، فَالشَّرِكَةُ فِي الْأَمْوَالِ أَنْوَاعٌ: مُفَاوَضَةٌ، وَعِنَانٌ، وَوُجُوهٌ، وَشَرِكَةٌ فِي الْعُرُوضِ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْأَعْمَالِ نَوْعَانِ: جَائِزَةٌ وَهِيَ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، وَفَاسِدَةٌ وَهِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ، أَمَّا الْمُفَاوَضَةُ فَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي التَّصَرُّفِ وَالدَّيْنِ (س) وَالْمَالِ الَذِي تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَتَعَامَلُوا بِهَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إِجْمَاعًا.
قَالَ: (الشَّرِكَةُ نَوْعَانِ: شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَشَرِكَةُ عَقْدٍ. فَشَرِكَةُ الْمِلْكِ نَوْعَانِ: جَبْرِيَّةٌ، وَاخْتِيَارِيَّةٌ. وَشَرِكَةُ الْعُقُودِ نَوْعَانِ: شَرِكَةٌ فِي الْمَالِ، وَشَرِكَةٌ فِي الْأَعْمَالِ. فَالشَّرِكَةُ فِي الْأَمْوَالِ أَنْوَاعٌ: مُفَاوَضَةٌ، وَعِنَانٌ، وَوُجُوهٌ، وَشَرِكَةٌ فِي الْعُرُوضِ. وَالشَّرِكَةُ فِي الْأَعْمَالِ نَوْعَانِ: جَائِزَةٌ وَهِيَ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، وَفَاسِدَةٌ وَهِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ) وَسَيَأْتِيكَ بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
أَمَّا شَرِكَةُ الْأَمْلَاكِ، أَمَّا الْجَبْرِيَّةُ بِأَنْ يَخْتَلِطَ مَالَانِ لِرَجُلَيْنِ اخْتِلَاطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَرِثَانِ مَالًا.
وَالِاخْتِيَارِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَا عَيْنًا أَوْ يَتَّهِبَا أَوْ يُوصَى لَهُمَا فَيَقْبَلَانِ أَوْ يَسْتَوْلِيَا عَلَى مَالٍ أَوْ يَخْلِطَا مَالَهُمَا، وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِعَدَمِ إِذْنِهِ لَهُ فِيهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ شَرِيكِهِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهِ فَمَا ثَبَتَتِ الشَّرِكَةُ فِيهِ بِالْخَلْطِ أَوِ الِاخْتِلَاطِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ; لِأَنَّ الْخَلْطَ اسْتِهْلَاكُ مَعْنًى فَأَوْرَثَ شُبْهَةَ زَوَالِ مِلْكِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ.
وَفِيمَا يَثْبُتُ بِالْمِيرَاثِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ ; لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ فِي نَصِيبِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَأَمَّا شَرِكَةُ الْعُقُودِ فَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: شَارَكْتُكَ فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ.
وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَأَشْبَاهِهِ لِيَكُونَ الْحَاصِلُ بِالتَّصَرُّفِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا إِذْ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ عَقْدِ الشَّرِكَةِ.
(أَمَّا الْمُفَاوَضَةُ فَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي التَّصَرُّفِ وَالدَّيْنِ وَالْمَالِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ) ; لِأَنَّهَا فِي اللُّغَةِ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ، يُقَالُ: فَاوَضَ يُفَاوِضُ: أَيْ سَاوَى يُسَاوِي، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
أَمَّا الْمَالُ ; فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الشَّرِكَةِ وَمِنْهُ يَكُونُ الرِّبْحُ. وَأَمَّا التَّصَرُّفُ ; فَلِأَنَّهُ مَتَى تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا تَصَرُّفًا لَا يَقْدِرُ الْآخَرُ عَلَيْهِ فَاتَتِ الْمُسَاوَاةُ، وَكَذَا فِي الدَّيْنِ ; لِأَنَّ الذِّمِّيَّ يَمْلِكُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَشِرَائِهِمَا مَا لَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ فَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا، فَلِهَذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ بَيْنَهُمَا مُفَاوَضَةٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَنْعَقِدُ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ مَا يَمْلِكُهُ الذِّمِّيُّ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِالتَّوْكِيلِ فَتَحَقَّقَتِ الْمُسَاوَاةُ، قُلْنَا: الذِّمِّيُّ يَمْلِكُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ