للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْبَالِغَيْنِ الْعَاقِلَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ أَوِ الذِّمِّيَّيْنِ، وَلَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، أَوْ تَبْيِينِ جَمِيعِ مُقْتَضَاهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْمَالِ وَلَا خَلْطُهُمَا، وَتَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ، فَمَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ إِلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَإِدَامَهُمْ وَكِسْوَتَهُمْ وَكِسْوَتَهُ، وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَبِنَائِبِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُسْلِمُ فَانْتَفَتِ الْمُسَاوَاةُ، فَإِذَا عَقَدَا الْمُفَاوَضَةَ صَارَتْ عِنَانًا عِنْدَهُمَا لِفَوَاتِ شَرْطِ الْمُفَاوَضَةِ وَوُجُودِ شَرْطِ الْعِنَانِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فَاتَ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ يُجْعَلُ عِنَانًا إِذَا أَمْكَنَ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

قَالَ: (وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْبَالِغَيْنِ الْعَاقِلَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ أَوِ الذِّمِّيَّيْنِ) وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا لِتَسَاوِيهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَلَا تَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ ; وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْحُرَّ وَالْبَالِغَ يَمْلِكَانِ الْكَفَالَةَ وَالتَّبَرُّعَاتِ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ، أَوْ يَمْلِكَانِهَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَالْمَوْلَى، وَلَا تَصِحُّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ وَأَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَاوِضُوا فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ» ; وَلِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جَائِزٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ.

قَالَ: (وَلَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ) ; لِأَنَّ الْعَوَامَّ قَلَّمَا يَعْلَمُونَ شَرَائِطَهَا، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَتَضَمَّنُ شَرَائِطَهَا وَمَعْنَاهَا (أَوْ تَبْيِينُ جَمِيعِ مُقْتَضَاهَا) ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي.

قَالَ: (وَلَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْمَالِ) ; لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ. قَالَ: (وَلَا خَلْطُهُمَا) ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخَلْطُ فِي الْمُشْتَرَى، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْتَرِي بِمَا فِي يَدِهِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّسْلِيمِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الشِّرَاءِ، وَيُشْتَرَطُ حُضُورَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرَى ; لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتِمُّ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الرِّبْحَ بِهِ يَحْصُلُ. قَالَ: (وَتَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ) ; لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبًا بِمَا طُولِبَ بِهِ صَاحِبُهُ بِالتِّجَارَةِ وَهُوَ الْكَفَالَةُ، وَأَنْ يَكُونَ الْحَاصِلُ فِي التِّجَارَةِ بِفِعْلِ أَيِّهِمَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَهِيَ الْوَكَالَةُ، فَكَانَ مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ يَقْتَضِي الْكَفَالَةَ وَالْوَكَالَةَ، فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوَّضَ إِلَى الْآخَرِ أَمْرَ الشَّرِكَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَرَضِيَ بِفِعْلِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْوَكَالَةَ وَالْكَفَالَةَ أَيْضًا.

قَالَ: (فَمَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ) عَمَلًا بِعَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ (إِلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَإِدَامَهُمْ وَكِسْوَتَهُمْ وَكِسْوَتَهُ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، إِلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنَّ الطَّعَامَ وَالْكِسْوَةَ مِنَ اللَّوَازِمِ، وَلَا يُمْكِنُ إِيجَادُهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَيَجِبُ فِي مَالِهِ ضَرُورَةً.

قَالَ: (وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ) بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>