وَإِنْ تَكَفَّلَ بِمَالٍ عَنْ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ صَاحِبَهُ (سم) ، فَإِنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا مَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ صَارَتْ عِنَانًا، وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ فِيهِ الْمُفَاوَضَةُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِنَانِ، وَلَا تَنْعَقِدُ الْمُفَاوَضَةُ وَالْعِنَانُ إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَتِبْرَيْهِمَا إِنْ جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ، وَبِالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
مَا أَدَّى لِأَنَّهُ كَفِيلٌ أَدَّى عَنْهُ بِأَمْرِهِ.
قَالَ: (وَإِنْ تَكَفَّلَ بِمَالٍ عَنْ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ صَاحِبَهُ) وَقَالَا: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ حَتَّى لَا يَصِحَّ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَأْذُونِ وَصَارَ كَالْإِقْرَاضِ، وَلَهُ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً لِمَا ذُكِرَ مُعَاوَضَةً انْتِهَاءً لِأَنَّهُ يَجِبُ لَهُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى لَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى الْمُعَاوَضَةِ يَلْزَمُ شَرِيكَهُ، وَالْإِقْرَاضُ مَمْنُوعٌ أَوْ يَقُولُ هُوَ إِعَارَةٌ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّأْجِيلُ، وَلِلْمَرْدُودِ فِي الْإِعَارَةِ حُكْمُ الْعَيْنِ لَا حُكْمُ الْبَدَلِ، فَلَمْ تُوجَدِ الْمُعَاوَضَةُ وَضَمَانُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكُ كَالْكَفَالَةِ ; لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً، وَكَذَا مَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مِنَ الدُّيُونِ بِسَبَبٍ تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ، وَمَا لَزِمَ بِسَبَبٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ لَا يَلْزَمُ كَالنِّكَاحِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ: (فَإِنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا مَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ صَارَتْ عِنَانًا) لِزَوَالِ الْمُسَاوَاةِ، وَذَلِكَ مِثْلَ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالِاتِّهَابِ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْعِنَانِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَتَصِيرُ عِنَانًا لِوُجُودِ شَرَائِطِهَا (وَكَذَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ فِيهِ الْمُفَاوَضَةُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِنَانِ) فَتَصِيرُ عِنَانًا وَإِنْ مَلَكَ شَيْئًا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ، فَالْمُفَاوَضَةُ بِحَالِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُهَا فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَا حَالَةُ الْبَقَاءِ.
قَالَ: (وَلَا تَنْعَقِدُ الْمُفَاوَضَةُ وَالْعِنَانُ إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَتِبْرَيْهِمَا إِنْ جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ وَبِالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ) ، أَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فَلِأَنَّهُمَا ثَمَنُ الْأَشْيَاءِ خِلْقَةً وَوَضْعًا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا التِّبْرُ فَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ خُلِقَا ثَمَنَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إِلَّا بِالتَّعَامُلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ; لِأَنَّهُمَا وَإِنْ خُلِقَا لِلثَّمَنِيَّةِ لَكِنْ بِوَصْفِ الضَّرْبِ حَتَّى لَا يَنْصَرِفَ الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إِلَى التِّبْرِ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى الْمَضْرُوبِ، إِلَّا أَنَّا أَجْرَيْنَا التَّعَامُلَ مَجْرَى الضَّرْبِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِهِمَا عِنْدَ التَّعَامُلِ.
وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ دَنَانِيرُ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا سُودٌ وَلِلْآخَرِ بِيضٌ جَازَتِ الْمُفَاوَضَةُ إِنِ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا ; لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةِ، وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْقِيمَةِ لَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةً وَتَصِيرُ عِنَانًا لِمَا تَقَدَّمَ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقِيمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ; لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تُنْبِئُ عَنِ الْخُلْطَةِ، وَلَا اخْتِلَاطَ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ.
وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةِ نَظَرًا إِلَى الْمَقْصُودِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَلِأَنَّهَا إِذَا رَاجَتِ الْتَحَقَتْ بِالْأَثْمَانِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ ثَمَنِيَّتَهَا تَتَعَيَّنُ بِالِاصْطِلَاحِ وَمُحَمَّدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute