وَلَا تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ (ف) إِلَّا أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عُرُوضِهِ بِنِصْفِ عُرُوضِ الْآخَرِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتَاهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، ثُمَّ يَعْقِدَانِ الشَّرِكَةَ، وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ تَصِحُّ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالِ، وَتَصِحُّ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالِ وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ إِذَا عَمِلَا أَوْ شَرَطَا زِيَادَةَ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي ثَمَنِيَّتِهَا حَتَّى لَا تَتَعَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ حَالَةَ النِّفَاقِ وَالرَّوَاجِ.
قَالَ: (وَلَا تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ) ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهَا، فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا عُرُوضَهُ بِأَلْفٍ وَبَاعَ الْآخَرُ عُرُوضَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَمُقْتَضَى الْعَقْدِ الشَّرِكَةُ فِي الْكَيْلِ، فَمَا يَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْأَلْفِ زِيَادَةً عَلَى الْأَلْفِ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» .
قَالَ: (إِلَّا أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عُرُوضِهِ بِنِصْفِ عُرُوضِ الْآخَرِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتَاهُمَا عَلَى السَّوَاءِ) فَتَنْعَقِدُ شَرِكَةُ أَمْلَاكٍ (ثُمَّ يَعْقِدَانِ الشَّرِكَةَ) عَلَى قِيمَتِهَا وَهَذِهِ شَرِكَةُ الْعُرُوضِ.
وَإِنِ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُرُوضَهُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا لَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَفَاوِتِ إِذَا خَلَطَا وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ، وَمَا رَبِحَا لَهُمَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِمَا. وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هِيَ شَرِكَةُ أَمْلَاكٍ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَثْمَانٍ فَلَا يَصِحُّ التَّفَاضُلُ فِي الرِّبْحِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: تَصِحُّ شَرِكَةُ عَقْدٍ بِالْخَلْطِ ; لِأَنَّهَا تَصْلُحُ ثَمَنًا لِوُجُوبِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، إِلَّا أَنَّ قَبْلَ الْخَلْطِ لَا تَتَحَقَّقُ الْوَكَالَةُ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِحِنْطَتِكَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْغَيْرِ بِبَيْعِ مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَبَعْدَ الْخَلْطِ تَتَحَقَّقُ الْوَكَالَةُ فَصَحَّتِ الشَّرِكَةُ.
قَالَ: (وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ تَصِحُّ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالِ) إِلَّا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَفِي خُصُوصِهَا وَبِبَعْضِ مَالِهِ ; لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنِ الْحَبْسِ، يُقَالُ: عَنَّ الرَّجُلُ إِذَا حُبِسَ، وَالْعِنِّينُ مَحْبُوسٌ عَنِ النِّسَاءِ، وَالْعِنَانِ يَحْبِسُ الدَّابَّةَ عَنْ بَعْضِ الْإِطْلَاقِ، فَكَأَنَّ شَرِيكَ الْعِنَانِ حَبَسَ بَعْضَ مَالِهِ عَنِ الشَّرِكَةِ، أَوْ حَبَسَ شَرِيكَهُ عَنْ بَعْضِ التِّجَارَاتِ فِي مَالِهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ رَأْسِ الْمَالَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ يَوْمَ الشَّرِكَةِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ زِيَادَةَ الرِّبْحِ بِالشَّرْطِ يَوْمَ الشَّرِكَةِ، وَيَعْتَبِرُ قِيمَتَهُمَا يَوْمَ الشِّرَاءِ لِيَعْرِفَ مِقْدَارَ مِلْكِهِمَا فِي الْمُشْتَرَى ; لِأَنَّ حَقَّهُمَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْمُشْتَرَى بِالشِّرَاءِ، وَيَعْتَبِرُ قِيمَتَهُمَا يَوْمَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا ; لِأَنَّ عِنْدَ الْقِسْمَةِ يَظْهَرُ الرِّبْحُ.
قَالَ: (وَتَصِحُّ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْمَالِ وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ إِذَا عَمِلَا أَوْ شَرَطَا زِيَادَةَ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ) ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَصِحُّ الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَالِ وَالتَّفَاوُتُ فِي الرِّبْحِ وَلَا عَلَى الْعَكْسِ، وَلَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ كَالْمُفَاوَضَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْوَضِيعَةِ هَكَذَا فَكَذَا الرِّبْحُ. وَلَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطَ الْمُتَعَاقِدَانِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ. وَلِأَنَّ الرِّبْحَ كَمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ يُسْتَحَقُّ بِالْعَمَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute