فَإِذَا رَبِحَ صَارَ شَرِيكًا، فَإِنْ شُرِطَ الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ فَهُوَ قَرْضٌ (ف) ، وَإِنْ شُرِطَ لِرَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ بِضَاعَةٌ، وَإِذَا فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ فَهِيَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَإِذَا خَالَفَ صَارَ غَاصِبًا، وَلَا تَصِحُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مَشَاعًا، فَإِنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ مُسَمَّاةٌ فَسَدَتْ، وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَاشْتِرَاطُ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ بَاطِلٌ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُسَلَّمًا إِلَى الْمُضَارِبِ، وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيُوَكِّلَ وَيُسَافِرَ وَيُبْضِعَ، وَلَا يُضَارِبُ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ بِقَوْلِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فِيهِ بِأَمْرِهِ (فَإِذَا رَبِحَ صَارَ شَرِيكًا) ; لِأَنَّهُ مَلَكَ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ.
(فَإِنْ شُرِطَ الرِّبْحُ لِلْمُضَارِبِ فَهُوَ قَرْضٌ) ; لِأَنَّ كُلَّ رِبْحٍ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِمِلْكِ رَأْسِ الْمَالِ، فَلَمَّا شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الرِّبْحِ فَقَدْ مَلَّكَهُ رَأْسَ الْمَالِ، ثُمَّ قَوْلُهُ مُضَارَبَةً شَرْطٌ لِرَدِّهِ فَيَكُونُ قَرْضًا (وَإِنْ شُرِطَ لِرَبِّ الْمَالِ فَهُوَ بِضَاعَةٌ) هَذَا مَعْنَاهَا عُرْفًا وَشَرْعًا (وَإِذَا فَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ فَهِيَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ) ; لِأَنَّهُ عَمِلَ لَهُ بِأَجْرٍ مَجْهُولٍ فَيَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِهِ لِمَا مَرَّ (وَإِذَا خَالَفَ صَارَ غَاصِبًا) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَكَانَ غَاصِبًا، وَلَا تَصِحُّ إِلَّا بِمَا تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ.
قَالَ: (وَلَا تَصِحُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مَشَاعًا، فَإِنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ مُسَمَّاةٌ فَسَدَتْ) لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ الْجَهَالَةَ فِي الرِّبْحِ يُفْسِدُهَا لِاخْتِلَالِ الْمَقْصُودِ (وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ) ; لِأَنَّ الرِّبْحَ تَبَعٌ لِلْمَالِ لِأَنَّهُ نَمَاؤُهُ (وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ) ; لِأَنَّهَا فَسَدَتْ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمُسَمَّى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ، وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَقَدْ سَلَّمَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ حَتَّى يَرْبَحَ كَالصَّحِيحَةِ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ كَالصَّحِيحَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ.
قَالَ: (وَاشْتِرَاطُ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ بَاطِلٌ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: " الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ " وَلِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِأَمْرِهِ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ. قَالَ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُسَلَّمًا إِلَى الْمُضَارِبِ) ; لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ إِلَّا بِالْيَدِ، فَيَجِبُ أَنْ تَخْلُصَ يَدُهُ فِيهِ وَتَنْقَطِعَ عَنْهُ يَدُ رَبِّ الْمَالِ.
قَالَ: (وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَيُوَكِّلَ وَيُسَافِرَ وَيُبْضِعَ) ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمُضَارِبَ مَأْمُورٌ بِالتِّجَارَةِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ كُلُّ مَا هُوَ تِجَارَةٌ أَوْ مَا لَا بُدَّ لِلتِّجَارَةِ مِنْهُ: كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْبَاقِي مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الْإِيدَاعُ؛ وَلِأَنَّهَا دُونَ الْمُضَارَبَةِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْأَمْرِ.
قَالَ: (وَلَا يُضَارِبُ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ بِقَوْلِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ) ; لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُوَّةِ فَاحْتَاجَ إِلَى التَّنْصِيصِ أَوْ مُطْلَقِ التَّفْوِيضِ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute