للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ بَنَى سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَانًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ أَوْ رِبَاطًا أَوْ حَوْضًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبُرَةً أَوْ طَرِيقًا لِلنَّاسِ لَا يَلْزَمُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ يُعَلِّقْهُ بِمَوْتِهِ، وَالْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ. رِبَاطٌ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ يُصْرَفُ وَقْفُهُ إِلَى أَقْرَبِ رِبَاطٍ إِلَيْهِ، وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَبِجَنْبِهِ طَرِيقُ الْعَامَّةِ يُوَسَّعُ مِنْهُ الْمَسْجِدُ، وَلَوْ ضَاقَ الطَّرِيقُ وُسِّعَ مِنَ الْمَسْجِدِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَا وَقْفًا عَلَيْهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الرَّيَّ أَجَازَ ذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ لِضِيقِ الْمَنَازِلِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلَهُ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ، وَلَوْ خُرِّبَ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ يَعُودُ مِلْكًا، وَيُورَثُ عَنْهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَبَعْضُهُمْ مَعَ مُحَمَّدٍ.

قَالَ: (وَمَنْ بَنَى سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ خَانًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ أَوْ رِبَاطًا أَوْ حَوْضًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً أَوْ طَرِيقًا لِلنَّاسِ) فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ يُعَلِّقْهُ بِمَوْتِهِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَصْلِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّهُ عَنْهُ حَتَّى جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ وَيَسْكُنَ وَيَدْفِنَ وَيَشْرَبَ مِنَ الْحَوْضِ، بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ لِمَا تَقَدَّمَ إِذِ التَّسْلِيمُ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ، وَهُوَ الِاسْتِقَاءُ مِنَ السِّقَايَةِ وَالْبِئْرِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالنُّزُولِ فِي الْخَانِ وَالرِّبَاطِ وَالشُّرْبِ مِنَ الْحَوْضِ وَيُكْتَفَى فِيهِ بِفِعْلِ الْوَاحِدِ لِتَعَذُّرِ الْجِنْسِ، وَلَوْ نَصَّبَ لَهُ مُتَوَلٍّ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ جَازَ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ إِنْ سَلَّمَ الْمَسْجِدَ إِلَى مُتَوَلٍّ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَصُلِّ فِيهِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا إِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْفُقَرَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ عُرْفًا لِحَاجَةِ الْكُلِّ إِلَى ذَلِكَ.

قَالَ: (وَالْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ) ; لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَصَارَ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ.

قَالَ: (رِبَاطٌ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ يُصْرَفُ وَقْفُهُ إِلَى أَقْرَبِ رِبَاطٍ إِلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَصْلَحُ. رِبَاطٌ عَلَى بَابِهِ قَنْطَرَةٌ وَلَا يُنْتَفَعُ بِالرِّبَاطِ إِلَّا بِالْعُبُورِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا وَقْفٌ يَجُوزُ أَنْ تُعَمَّرَ بِمَا فَضَلَ مِنْ وَقْفِ الرِّبَاطِ ; لِأَنَّهَا مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ (وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَبِجَنْبِهِ طَرِيقُ الْعَامَّةِ يُوَسَّعُ مِنْهُ الْمَسْجِدُ) ; لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لِلْمُسْلِمِينَ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ (وَلَوْ ضَاقَ الطَّرِيقُ وُسِّعَ مِنَ الْمَسْجِدِ) عَمَلًا بِالْأَصْلَحِ، وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِالشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى مُدَّعٍ وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ بِالْإِجْمَاعِ.

١ -

فَصْلٌ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَهُ بِنْتٌ فَقِيرَةٌ صَغِيرَةٌ إِنْ وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَيْهَا وَفِي مَرَضِهِ لَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ.

اشْتَرَى الْقَيِّمُ ثَوْبًا وَأَعْطَى الْمَسَاكِينَ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الدَّرَاهِمِ.

إِذَا غَرَسَ الْقَيِّمُ فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ لِلْمَسْجِدِ كَالْبِنَاءِ، وَإِنْ غَرَسَ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>