. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فَهُوَ لَهُ، وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْعَامَّةِ، وَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَحْدَهُمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَلَا يَسْتَجْلِبُ الثَّوَابَ وَصَارَ كَالصَّدَقَةِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَهُمْ يُحْصَوْنَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ، وَيَكُونُ كَمَا شَرَطَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنِ انْقَرَضَ الْأَغْنِيَاءُ.
وَلَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ يَدْخُلُ فُقَرَاءُ قَرَابَتِهِ وَأَوْلَادُهُ، وَصَرْفُ الْغَلَّةِ إِلَيْهِمْ أَوْلَى مِنْ صَرْفِهَا إِلَى الْأَجَانِبِ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ، ثُمَّ الصَّرْفُ إِلَى وَلَدِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّ الصِّلَةَ فِي حَقِّهِ أَوْجَبُ وَأَجْزَلُ، ثُمَّ إِلَى قَرَابَتِهِ، ثُمَّ إِلَى مَوَالِيهِ، ثُمَّ إِلَى جِيرَانِهِ ثُمَّ إِلَى أَهْلِ مِصْرِهِ أَقْرَبِهِمْ مَنْزِلًا إِلَى الْوَاقِفِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ هِلَالُ بْنُ يَحْيَى الرَّازِيُّ ; وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى الْكُلُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ; لِأَنَّهُ إِذَا صَرَفَ الْكُلَّ إِلَيْهِمْ دَائِمًا وَقَدُمَ الْعَهْدُ رُبَّمَا اتَّخَذُوهُ مِلْكًا لِأَنْفُسِهِمْ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُعْطَى كُلُّ فَقِيرٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ; لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ فَأَشْبَهَتِ الزَّكَاةَ، وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إِذَا قَالَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ.
وَإِذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ صُلْبِهِ وَوَلَدُ وَلَدِهِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَقْفِ وَبَعْدَهُ، وَيَشْتَرِكُ الْبَطْنَانِ فِي الْغَلَّةِ، وَلَا يَدْخُلُ مَنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْ هَذَيْنِ الْبَطْنَيْنِ لِأَنَّهُ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ ; وَفِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ رِوَايَتَانِ تُذْكَرُ فِي الْوَصَايَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ تَدْخُلُ الْبُطُونُ كُلُّهَا وَإِنْ سَفُلُوا، الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى الْعُمُومِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهِ الْبُطُونُ كُلُّهَا لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ، وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَرَضَ فَالثَّانِي، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ الْبُطُونِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ صِلَةُ أَوْلَادِهِ وَبِرُّهُمْ، وَالْإِنْسَانُ يَقْصِدُ صِلَةَ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ لِأَنَّ خِدْمَتَهُ إِيَّاهُ أَكْثَرُ وَهُمْ إِلَيْهِ أَقْرَبُ فَكَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُهُ أَرْجَحَ، ثُمَّ النَّافِلَةُ قَدْ يَخْدُمُونَ الْجَدَّ فَكَانَ قَصْدُ صِلَتِهِمْ أَكْثَرَ، وَمَنْ عَدَا هَذَيْنِ قَلَّ مَا يُدْرِكُ الرَّجُلُ خِدْمَتَهُمْ فَيَكُونُ قَصْدُهُ بِرَّهُمْ وَصِلَتَهُمْ لِنِسْبَتِهِمْ إِلَيْهِ لَا لِخِدْمَتِهِمْ لَهُ، وَهُمْ فِي النِّسْبَةِ إِلَيْهِ سَوَاءٌ فَاسْتَوَوْا فِي غَلَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ.
وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ فَمَنْ أَثْبَتَ الْقَرَابَةَ وَالْفَقْرَ بِالْبَيِّنَةِ يَسْتَحِقُّ وَإِلَّا فَلَا، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَرَابَةِ إِنْ لَمْ يُفَسِّرُوهَا لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِتَنَوُّعِ الْقَرَابَةِ وَاخْتِلَافِهَا، كَمَا إِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ وَارِثٌ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ يُفَسِّرُوا جِهَةَ الْإِرْثِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْفَقْرِ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُلِ الشُّهُودُ: إِنَّهُ فَقِيرٌ مُعْدَمٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا وَلَا أَحَدًا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ; لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ نَفَقَةٌ عَلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا حَظَّ لَهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ كَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ النَّفَقَةَ فَيَصِيرُونَ بِهَا أَغْنِيَاءَ، وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إِلَّا بِقَضَاءٍ كَالْإِخْوَةِ وَنَحْوِهِمْ لَهُ حَظٌّ فِي هَذَا الْوَقْفِ، وَالْقَضَاءُ بِفَقْرِهِ فِي الْوَقْفِ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِفَقْرِهِ فِي حَقِّ الدَّيْنِ، وَالْقَضَاءُ لِفَقْرِهِ فِي حَقِّ الدَّيْنِ قَضَاءٌ بِفَقْرِهِ فِي حَقِّ الْوَقْفِ ; لِأَنَّ مَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَعُرُوضُ الْكِفَايَةِ فَقِيرٌ فِي حَقِّ الْوَقْفِ دُونَ الدَّيْنِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَقْرَبِ قَرَابَتِي فَبِنْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute