للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

بِنْتِ الْبِنْتِ أَوْلَى مِنَ الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ ; لِأَنَّهَا مِنْ صُلْبِهِ وَالْأُخْتُ مِنْ صُلْبِ أَبِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِرْثُ.

١ -

فَصْلٌ

لَا تَجُوزُ إِجَارَةُ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنَ الْمُدَّةِ الَّتِي شَرَطَهَا الْوَاقِفُ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ اعْتِبَارُ شَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ أَخْرَجَهُ بِشَرْطٍ مَعْلُومٍ وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا بِشَرْطِهِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرُطْ مُدَّةً فَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: يَجُوزُ إِجَارَتُهُ أَيَّ مُدَّةٍ كَانَتْ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِئَلَّا يُتَّخَذَ مِلْكًا بِطُولِ الْمُدَّةِ فَتَنْدَرِسَ سِمَةُ الْوَقْفِيَّةِ وَيَتَّسِمَ بِسِمَةِ الْمِلْكِيَّةِ لِكَثْرَةِ الظَّلَمَةِ فِي زَمَانِنَا وَتَغَلُّبِهِمْ وَاسْتِحْلَالِهِمْ، وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الضِّيَاعِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَفِي غَيْرِ الضِّيَاعِ سَنَةً وَهُوَ الْمُخْتَارُ ; لِأَنَّهُ لَا يُرْغَبُ فِي الضِّيَاعِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا تَجُوزُ إِجَارَتُهُ إِلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ الْفُقَرَاءِ، فَلَوْ آجَرَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَتْ لِكَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ لَا تَنْقُضُ الْإِجَارَةُ ; لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَجْرُ الْمِثْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إِجَارَةُ الْوَقْفِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ نَائِبًا عَنِ الْقَاضِي، وَإِذَا آجَرَهُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ أَوِ الْوَلِيُّ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ ; لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَالْعُقُودُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ.

وَلَوْ سَكَنَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ السُّكْنَى لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَرَطَ الْغَلَّةَ لَهُ، قِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَهُ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرَهُ بِالْإِجَارَةِ فَهُوَ أَوْلَى، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا الْقَيِّمُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُعْطِيَهُ الْأُجْرَةَ، وَلَا يَجُوزُ إِعَارَةُ الْوَقْفِ وَإِسْكَانُهُ لِأَنَّ فِيهِ إِبْطَالَ حَقِّ الْفُقَرَاءِ، وَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فَإِنْ سَكَنَهُ الْمُرْتَهِنُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَلِّي مَنْزِلًا مَوْقُوفًا فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ فَسَخَ الْبَيْعَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ مِثْلِهِ وَالْفَتْوَى فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ وَإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوِ اسْتَدَانَ الْقَيِّمُ لِلْخَرَاجِ وَالْجِنَايَاتِ إِنْ أَمَرَهُ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ ثُمَّ يَرْجِعَ فِي الْغَلَّةِ.

قَيِّمٌ اشْتَرَى مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ حَانُوتًا لِلْمَسْجِدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ بِوَقْفٍ ; لِأَنَّ صِحَّةَ الْوَقْفِ تَعْتَمِدُ الشَّرَائِطَ وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ. رَجُلٌ وَقَفَ عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةٍ كَذَا مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَسَكَنَهَا مُتَعَلِّمٌ لَا يَبِيتُ فِيهَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ يَأْوِي فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهَا، وَلَهُ فِيهِ آلَةُ السُّكْنَى لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاكِنًا فِيهِ، وَلَوِ اشْتَغَلَ بِاللَّيْلِ بِالْحِرَاسَةِ وَبِالنَّهَارِ يُقَصِّرُ فِي التَّعْلِيمِ، فَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِعَمَلٍ آخَرَ لَا يُعَدُّ بِهِ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ وَهُوَ يُعَدُّ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ حَلَّ.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَةٍ كَذَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَهُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّعَارُفَ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ طَلَبَةُ الْعِلْمِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَمَنْ كَانَ يَكْتُبُ الْفِقْهَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَتَعَلَّمُ فَلَهُ الْوَظِيفَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>