للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيمَا يُقْسَمُ لَا تَجُوزُ (ف) ، فَإِنْ قَسَمَ وَسَلَّمَ جَازَ كَسَهْمٍ فِي دَارٍ، وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَالصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ، وَالتَّمْرِ عَلَى النَّخْلِ، وَالزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ، وَلَوْ وَهَبَهُ دَقِيقًا فِي حِنْطَةٍ، أَوْ سَمْنًا فِي لَبَنٍ، أَوْ دُهْنًا فِي سِمْسِمٍ فَاسْتَخْرَجَهُ وَسَلَّمَهُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ، وَبِالْعَكْسِ لَا يَجُوزُ (سم) وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرَيْنِ جَازَ، وَعَلَى غَنِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ، وَمَنْ وَهَبَ جَارِيَةً إِلَّا حَمْلَهَا صَحَّتِ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَفِيمَا يُقَسَّمُ لَا تَجُوزُ) ; لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ لِمَا رَوَيْنَا وَأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْمُشَاعِ، وَلَوْ جَوَّزْنَاهُ لَكَانَ لَهُ إِجْبَارُ الْوَاهِبِ عَلَى الْقِسْمَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ فَيَكُونُ إِضْرَارًا بِهِ، وَمَا لَا يُقَسَّمُ الْمُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ النَّاقِصُ فَيُكْتَفَى بِهِ ضَرُورَةً، وَلَا يَلْزَمُ ضَرَرُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ بِبَقَاءِ الْإِجْبَارِ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. قُلْنَا: الْمُهَايَأَةُ فِي الْمَنَافِعِ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ صَادَفَتِ الْعَيْنَ لَا الْمَنَافِعَ. قَالَ: (فَإِنْ قَسَمَ وَسَلَّمَ جَازَ) ; لِأَنَّ بِالْقَبْضِ لَمْ يَبْقَ شُيُوعٌ وَذَلِكَ (كَسَهْمٍ فِي دَارٍ وَ) مِثْلُهُ (اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ وَالتَّمْرِ عَلَى النَّخْلِ وَالزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ) ; لِأَنَّ اتِّصَالَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَالشُّيُوعِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَمْنَعُ الْقَبْضَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهُ مِنْ شَرِيكِهِ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْقَبْضِ.

قَالَ: (وَلَوْ وَهَبَهُ دَقِيقًا فِي حِنْطَةٍ، أَوْ سَمْنًا فِي لَبَنٍ، أَوْ دُهْنًا فِي سِمْسِمٍ فَاسْتَخْرَجَهُ وَسَلَّمَهُ لَا يَجُوزُ) ; لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَعْدُومٌ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ فَيَحْتَاجُ إِلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ أَمَّا الْمُشَاعُ فَمَحَلُّ التَّمْلِيكِ حَتَّى جَازَ بَيْعُهُ دُونَ ذَلِكَ.

قَالَ: (وَلَوْ وَهَبَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ، وَبِالْعَكْسِ لَا يَجُوزُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمَا سَلَّمَاهَا وَالْمَوْهُوبَ لَهُ قَبَضَهَا جُمْلَةً وَلَا شُيُوعَ وَلَا ضَرَرَ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَصِحُّ أَيْضًا ; لِأَنَّهَا هِبَةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّمْلِيكُ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ، وَصَارَ كَالرَّهْنِ مِنِ اثْنَيْنِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ وَهَبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِلْكُ فِي النِّصْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ، فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا صَحَّ فِي النِّصْفِ فَكَانَ تَمْلِيكًا لِلنِّصْفِ وَأَنَّهُ شَائِعٌ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَالْمُسْتَحَقُّ فِيهِ الْحَبْسُ، وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا وَتَمَامُهُ مَرَّ فِي الرَّهْنِ.

قَالَ: (وَلَوْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرَيْنِ جَازَ) وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ لَهُمَا (وَعَلَى غَنِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ) وَقَالَا: تَجُوزُ فِي الْغَنِيَّيْنِ أَيْضًا لِمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ إِعْطَاءَ الْفَقِيرِ يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ - تَعَالَى - فَهُوَ وَاحِدٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ أَوْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فَقِيرًا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، وَالْإِعْطَاءُ لِلْغَنِيِّ يُرَادُ بِهِ وَجْهُ الْغَنِيِّ وَهُمَا اثْنَانِ فَكَانَ مُشَاعًا، وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ.

قَالَ: (وَمَنْ وَهَبَ جَارِيَةً إِلَّا حَمْلَهَا صَحَّتِ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا يَعْمَلُ فِيمَا يَعْمَلُ فِيهِ الْعَقْدُ، وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ فِي الْحَمْلِ فَكَذَا الِاسْتِثْنَاءُ فَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا ; وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ; لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعَمِّرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>