للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأُجْرَةِ الْكِرَابِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ، وَأُجْرَةُ الْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ. وَلَوْ شَرَطَا ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُهُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَطَلَتْ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

إِلَى بَيْعِهَا فِيهِ بَاعَهَا الْحَاكِمُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.

(وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأُجْرَةِ الْكِرَابِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إِنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا قُوِّمَتْ بِالْخَارِجِ وَقَدِ انْعَدَمَ. وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ، وَلَمْ يُحْصَدْ؛ لِاتِّبَاعِ الْأَرْضِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّ الْمُزَارِعِ، وَتَأْخِيرُ حَقِّ رَبِّ الدَّيْنِ أَهْوَنُ. وَلَا يَحْبِسُهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِظَالِمٍ، وَالْحَبْسُ جَزَاءُ الظُّلْمِ.

قَالَ: (وَأُجْرَةُ الْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْتَهَى بِانْتِهَاءِ الزَّرْعِ؛ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، فَبَقِيَ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ عَقْدٍ، فَتَكُونُ مَئُونَتُهُ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ وَلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ؛ إِذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ شَرَطَا ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ) ، وَأَصْلُهُ أَنَّهُ مَتَى شُرِطَ فِي الْمُزَارَعَةِ مَا لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا، فَصَارَ كَاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ.

(وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُهُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) ؛ لِلتَّعَامُلِ كَالِاسْتِصْنَاعِ. وَلَوْ شَرَطَا ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ. وَإِنْ شَرَطَا مَا هُوَ مِنْ أَعْمَالِ الزِّرَاعَةِ لَا يُفْسِدُهَا، وَهُوَ كُلُّ عَمَلٍ يُنْبِتُ وَيَزِيدُ فِي الْخَارِجِ، وَمَا لَا يُنْبِتُ وَلَا يَزِيدُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهَا. وَكُلُّ شَرْطٍ يَنْتَفِعُ بِهِ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يُفْسِدُهَا، كَكَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَطَرْحِ السِّرْقِينَ فِي الْأَرْضِ، وَبِنَاءِ الْحَائِطِ، وَتَثْنِيَةِ الْكِرَابِ.

وَقِيلَ: إِنْ كَانَتِ الْمُزَارَعَةُ سَنَتَيْنِ لَا تَفْسُدُ فِي التَّثْنِيَةِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَبْقَى، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ فِي الْخُضْرَةِ لَا تَفْسُدُ أَيْضًا ; لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَا تَبْقَى بَعْدَهَا، فَإِنَّهُ لَوْ كَرَبَ مِرَارًا لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بِسَقْيٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ بَقِيَتْ فَسَدَتْ.

وَاخْتَلَفُوا فِي التَّثْنِيَةِ، قِيلَ: هُوَ أَنْ يَكْرِبَهَا مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِيهِ الْكَلَامُ. وَقِيلَ: أَنْ يَكْرِبَهَا بَعْدَ الْحَصَادِ، وَيُسَلِّمَ الْأَرْضَ مَكْرُوبَةً، وَهَذَا فَاسِدٌ بِكُلِّ حَالٍ. فَكُلُّ عَمَلٍ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْخَارِجُ كَالْحِفْظِ وَالسَّقْيِ عَلَى الْعَامِلِ ; لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ الْعَمَلُ، وَمَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَالْحَصَادِ وَإِخْوَتِهِ، وَمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَالْحَمْلِ وَالطِّحْنِ عَلَيْهِمَا بِالْإِجْمَاعِ.

وَلَوْ أَرَادَ فَصْلَ الزَّرْعِ قَصِيلًا، أَوْ جِذَاذَ الثَّمَرَةِ بُسْرًا، أَوِ الْتِقَاطَ الرُّطَبِ - فَهُوَ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّهُمَا أَنْهَيَا الْعَقْدَ بِعَزْمِهِمَا، فَصَارَ كَمَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ.

قَالَ: (وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدِينَ بَطَلَتْ) ؛ لِمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ. وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ لَمْ يُسْتَحْصَدْ تُرِكَ حَتَّى يُحْصَدَ مُرَاعَاةً لِلْحَقَّيْنِ، وَيَنْتَقِضُ فِيمَا بَقِيَ إِنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>