وَإِذَا فَسَدَتْ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَلِلْآخَرِ أَجْرُ عَمَلِهِ أَوْ أَجْرُ أَرْضِهِ لَا يُزَادُ عَلَى قَدْرِ الْمُسَمَّى (م) . وَلَوْ شَرَطَا التِّبْنَ لِرَبِّ الْبَذْرِ صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْآخَرِ لَا يَصِحُّ. وَإِنْ عَقَدَاهَا، فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ - لَمْ يُجْبَرْ. وَإِنِ امْتَنَعَ الْآخَرُ أُجْبِرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ، فَتُفْسَخُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَإِذَا فَسَدَتْ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَالْآخَرُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالتَّسْمِيَةِ، وَقَدْ فَسَدَتْ. (وَلِلْآخَرِ أَجْرُ عَمَلِهِ) إِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، (أَوْ أَجْرُ أَرْضِهِ) إِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ. (لَا يُزَادُ عَلَى قَدْرِ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِقَدْرِ الْمُسَمَّى. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَجِبُ بَالِغَةً مَا بَلَغَ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْإِجَارَةِ.
وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ طَابَ لَهُ جَمِيعُهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ فِي أَرْضِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَامِلِ طَابَ لَهُ قَدْرُ بَذْرِهِ وَقَدْرُ أَجْرِ الْأَرْضِ، وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ بَذْرِهِ لَكِنْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِلْغَيْرِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْجَبَ خُبْثًا، فَمَا كَانَ عِوَضَ مَالِهِ طَابَ لَهُ وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ.
وَإِنْ شَرَطَا عَمَلَهُمَا جَمِيعًا فَهِيَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ إِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَقَدْ شَرَطَ عَمَلَهُ، لَمْ تُوجَدِ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا شَرْطٌ. وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَامِلِ فَالْعَامِلُ قَدِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ، فَإِذَا شَرَطَ عَمَلَ صَاحِبِهَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ مَا اسْتَأْجَرَ فَيَبْطُلُ. وَلَوْ شَرَطَا الْخَارِجَ كُلَّهُ لِأَحَدِهِمَا، وَالْبَذْرَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ - جَازَ، فَإِنْ شَرَطَاهُ لَهُ يَكُونُ مُسْتَعِينًا بِالْعَامِلِ؛ لِيَزْرَعَ أَرْضَهُ، وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْعَامِلِ يَكُونُ إِجَارَةً لِلْأَرْضِ وَإِقْرَاضًا لِلْبَذْرِ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنَ الْعَامِلِ، فَإِنْ شَرَطَاهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَسَدَتْ. وَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْبَذْرِ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ أَجْرِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْأَرْضِ بِجَمِيعِ الْخَارِجِ، وَأَنَّهُ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ. وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْعَامِلِ جَازَ، وَيَكُونُ مُعِيرًا أَرْضَهُ مِنْهُ.
قَالَ: (وَلَوْ شَرَطَا التِّبْنَ لِرَبِّ الْبَذْرِ صَحَّ) ، مَعْنَاهُ بَعْدَ شَرْطِ الْحَبِّ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ التِّبْنَ مِنَ الْبَذْرِ. (وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْآخَرِ لَا يَصِحُّ) ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَخْرُجُ إِلَّا التِّبْنُ، وَهُوَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ. وَلَوْ شَرَطَا الْحَبَّ نِصْفَيْنِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتِّبْنِ - صَحَّتِ الشَّرِكَةُ فِي الْمَقْصُودِ، وَالتِّبْنُ لِرَبِّ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْحَبِّ. وَلَوْ شَرَطَا التِّبْنَ لِأَحَدِهِمَا، وَالْحَبَّ لِلْآخَرِ - فَهِيَ فَاسِدَةٌ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُصِيبُهُ آفَةٌ، فَلَا يَنْعَقِدُ الْحَبُّ.
قَالَ: (وَإِنْ عَقَدَاهَا، فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ - لَمْ يُجْبَرْ) ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْكِرَابِ فِي الْقَضَاءِ. وَيَلْزَمُهُ دِيَانَةً أَنْ يُرْضِيَهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْبَذْرِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ بِالْعَقْدِ إِلَّا بِإِتْلَافِ مَالِهِ وَهُوَ الْبَذْرُ، وَهِيَ لَازِمَةٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ ; لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ أَوْ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلْآخَرِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا.
قَالَ: (وَإِنِ امْتَنَعَ الْآخَرُ أُجْبِرَ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَفَاءِ بِهِ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ، فَتُفْسَخُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ) ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ. وَإِذَا لَزِمَ رَبُّ الْأَرْضِ دَيْنٌ، وَاحْتَاجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute