للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوِ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ.

وَإِذْنُ الثَّيِّبِ بِالْقَوْلِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ لَهَا الزَّوْجُ بِمَا تَعْرِفُهُ. فَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ جِرَاحَةِ أَوْ تَعْنِيسٍ أَوْ حَيْضٍ فَهِيَ بِكْرٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ زَالَتْ بِزِنًا (سم) . وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: بَلَغَكِ النِّكَاحُ فَسَكَتِّ، فَقَالَتْ: بَلْ رَدَدْتُ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا (سم) .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ يَحْتَمِلُ الْإِذْنَ وَعَدَمَهُ، فَلَا نُثْبِتُ الْإِذْنَ قَبْلَ الْعَقْدِ بِالشَّكِّ، وَلَا نُبْطِلُ الْعَقْدَ بِالشَّكِّ.

(وَلَوِ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ) ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ إِنَّمَا جُعِلَ رِضًا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَهُوَ اسْتِئْمَارُ الْوَلِيِّ وَعَجْزُهَا عَنِ الْمُبَاشَرَةِ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْحَاجَةِ، وَهُوَ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى كَلَامِهِ.

قَالَ: (وَإِذْنُ الثَّيِّبِ بِالْقَوْلِ) ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الثَّيِّبُ تُسْتَأْمَرُ» ، أَيْ يُطْلَبُ أَمْرُهَا، وَالْأَمْرُ بِالْقَوْلِ. وَقَالَ فِي حَقِّ الْبِكْرِ: «تُسْتَأْذَنُ» أَيْ يَطْلُبُ الْإِذْنَ مِنْهَا، وَالْإِذْنُ وَالرِّضَا يَكُونُ بِالسُّكُوتِ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَالثَّيِّبُ يُعْرِبُ عَنْهَا لِسَانُهَا» ، وَلِأَنَّ السُّكُوتَ إِنَّمَا جُعِلَ إِذْنًا لِمَكَانِ الْحَيَاءِ الْمَانِعِ مِنَ النُّطْقِ الْمُخْتَصِّ بِالْأَبْكَارِ، وَيَكُونُ فِيهِنَّ أَكْثَرَ، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا الثَّيِّبُ.

قَالَ: (وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ لَهَا الزَّوْجَ بِمَا تَعْرِفُهُ) ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ قَدْرِ الصَّدَاقِ أَيْضًا؛ لِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ بِاخْتِلَافِهِ.

قَالَ: (فَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ أَوْ حَيْضٍ فَهِيَ بِكْرٌ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ حَتَّى تَدْخُلَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ بِالْإِجْمَاعِ، وَمُصِيبُهَا أَوَّلُ مُصِيبٍ. (وَكَذَلِكَ إِنَّ زَالَتْ بِزِنًا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الثَّيِّبُ؛ لِأَنَّ مُصِيبَهَا عَائِدٌ إِلَيْهَا؛ إِذْ هُوَ مِنَ التَّثْوِيبِ وَهُوَ الْعَوْدُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.

وَلَهُ: أَنَّهُ لَوِ اشْتَرَطَ نُطْقَهَا، فَإِنْ لَمْ تَنْطِقْ تَفُوتُهَا مَصْلَحَةُ النِّكَاحِ، وَإِنْ نَطَقَتْ وَالنَّاسُ يَعْرِفُونَهَا بِكْرًا، فَتَتَضَرَّرُ بِاشْتِهَارِ الزِّنَا عَنْهَا، فَيَكُونُ حَيَاؤُهَا أَكْثَرَ، فَتَتَضَرَّرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُشْتَهِرَةً بِذَلِكَ، بِأَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، أَوِ اعْتَادَتْهُ وَتَكَرَّرَ مِنْهَا. أَوْ قَضَى عَلَيْهَا بِالْعِدَّةِ تُسْتَنْطَقُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِزَوَالِ الْحَيَاءِ، وَعَدَمِ التَّضَرُّرِ بِالنُّطْقِ. وَلَوْ مَاتَ زَوْجُ الْبِكْرِ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ تُزَوَّجُ كَالْأَبْكَارِ؛ لِبَقَاءِ الْبَكَارَةِ وَالْحَيَاءِ.

(وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: بَلَغَكِ النِّكَاحُ فَسَكَتِّ، فَقَالَتْ: بَلْ رَدَدْتُ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ تَمْلِكُ بُضْعَهَا، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِيهِ. (وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَقَدْ مَرَّ فِي الدَّعْوَى. وَلَوِ ادَّعَتْ رَدَّ النِّكَاحِ حِينَ أَدْرَكَتْ، وَادَّعَى الزَّوْجُ السُّكُوتَ - فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ زَوَالَ مِلْكِهِ عَنْهَا.

وَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا، وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِرِضَاهَا؛ فَأَيُّهُمَا قَالَتْ: هُوَ الْأَوَّلُ - صَحَّ؛ لِصِحَّةِ إِقْرَارِهَا عَلَى نَفْسِهَا دُونَ إِقْرَارِ الْأَبِ. وَإِنْ قَالَتْ: لَا أَدْرِي - لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِعَدَمِ إِمْكَانِ الْجَمْعِ، وَعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا.

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ، فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا - يَجِبُ جَمِيعُ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ لَا تَصِيرُ مُسْتَحَقَّةً بِالنِّكَاحِ.

وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>