للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَكَذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الرَّجُلِ وَلَا بِالِاحْتِقَانِ، وَتَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِعَاطِ وَالْإِيجَارِ.

وَإِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ الْكَبِيرَةُ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ حَرُمَتَا عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ. وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتِ الْفَسَادَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي التَّعَمُّدِ مَعَ يَمِينِهَا.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

(وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ، وَمَعْنَى الْغِذَاءِ لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ، وَصَارَ كَمَا إِذَا حَلَبَ مِنْهَا حَالَ حَيَاتِهَا. (وَكَذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ) ؛ لِمَا بَيَّنَّا.

(وَلَا تَتَعَلَّقُ بِلَبَنِ الرَّجُلِ) لَوْ نَزَلَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً ; لَأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِلَادَةُ، كَذَا قَالُوا.

قَالَ: (وَلَا بِالِاحْتِقَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى الْمَعِدَةِ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ النُّشُوُّ وَالنُّشُوزُ، وَكَذَا إِذَا أَقْطَرَ فِي إِحْلِيلِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ جَائِفَةٍ أَوْ آمَّةٍ؛ لِمَا قُلْنَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الِاحْتِقَانَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ قِيَاسًا عَلَى فَسَادِ الصَّوْمِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُفْسِدَ فِي الصَّوْمِ التَّغَذِّي أَوِ التَّدَاوِي، وَأَنَّهُ حَاصِلٌ بِالِاحْتِقَانِ. أَمَّا الرَّضَاعُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِمَعْنَى النُّشُوِّ، وَأَنَّهُ مَعْدُومٌ فِي الِاحْتِقَانِ.

قَالَ: (وَتَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِعَاطِ وَالْإِيجَارِ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْمَعِدَةِ، فَيَحْصُلُ بِهِ النُّشُوُّ. امْرَأَةٌ أَدْخَلَتْ حَلَمَةَ ثَدْيِهَا فِي فَمِ رَضِيعٍ، وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ اللَّبَنُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا - لَا يَحْرُمُ النِّكَاحُ. وَكَذَا صَبِيَّةٌ أَرْضَعَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ - يَجُوزُ؛ لِأَنَّ إِبَاحَةَ النِّكَاحِ أَصْلٌ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ. وَيَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَنْ لَا يُرْضِعْنَ كُلَّ صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَلْيَحْفَظْنَهُ أَوْ يَكْتُبْنَهُ احْتِيَاطًا.

قَالَ: (وَإِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ الْكَبِيرَةُ امْرَأَتَهُ الصَّغِيرَةَ حَرُمَتَا عَلَى الزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُمًّا وَبِنْتًا، وَالرَّضَاعُ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ كَالْمُقَارَنِ فِي التَّحْرِيمِ كَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلشَّيْءِ مَعَ الْمُنَافِي. (وَلَا مَهْرَ لِلْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا، (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِهَا. وَلَا اعْتِبَارَ بِاخْتِيَارِهَا الْإِرْضَاعَ؛ لِأَنَّهَا مَجْبُولَةٌ عَلَيْهِ طَبْعًا.

(وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْكَبِيرَةِ إِنْ كَانَتْ تَعَمَّدَتِ الْفَسَادَ) ؛ لِأَنَّهَا مُسَبِّبَةٌ لِلْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ إِلْقَاءَ الثَّدْيِ فِي فَمِهَا سَبَبٌ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِهَا، وَالتَّسْبِيبُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدِّي كَحَافِرِ الْبِئْرِ. وَإِنْ لَمْ تَتَعَمَّدِ الْفَسَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا مُسَبِّبَةٌ. وَالتَّعَدِّي يَثْبُتُ إِذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَقَصَدَتْ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا.

وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ لَكِنْ قَصَدَتْ بِالْإِرْضَاعِ دَفْعَ الْجُوعِ وَالْهَلَاكِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ دُونَ الْفَسَادِ لَا تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً.

(وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي التَّعَمُّدِ مَعَ يَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ الضَّمَانَ. وَلَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ الْأَبِ امْرَأَةَ ابْنِهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>