للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا، أَوْ جَاءَتِ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْ كَالْمُخَيَّرَةِ، وَالْمُخَيَّرَةُ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ، وَلَوْ فَعَلَتْ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخِيَارَاتِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَرِثَهَا إِذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، وَمَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَذِي أَضْنَاهُ وَأَعْجَزَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ، فَأَمَّا مَنْ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ بِحَوَائِجِهِ وَيُحَمُّ فَلَا، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِفِعْلِهِ وَفَعَلَهُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فِي الْمَرَضِ مِثْلُ قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَأَصْلُهُ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ سَبَبٌ يُفْضِي إِلَى الْإِرْثِ غَالِبًا، فَإِبْطَالُهُ يَكُونُ ضَرَرًا بِصَاحِبِهِ، فَوَجَبَ رَدُّهُ دَفْعًا لِهَذَا الضَّرَرِ فِي حَقِّ الْإِرْثِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَتَعَذَّرَ إِبْقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ وَلَا حُكْمٌ.

قَالَ: (وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا، أَوْ جَاءَتِ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرْثِ كَالْمُخَيَّرَةِ، وَالْمُخَيَّرَةُ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ) لِأَنَّا إِنَّمَا اعْتَبَرْنَا قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ مَعَ الْمُبْطِلِ نَظَرًا لَهَا، فَإِذَا رَضِيَتْ بِالْمُبْطِلِ لَمْ تَبْقَ مُسْتَحِقَّةً لِلنَّظَرِ فَعَمِلَ الْمُبْطِلُ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَمَلُهُ.

(وَلَوْ فَعَلَتْ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْخِيَارَاتِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَرِثَهَا إِذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّهِ فَبَقَّيْنَا النِّكَاحَ فِي حَقِّ الْإِرْثِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ إِلَّا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى الزَّوْجِ.

(وَمَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَّذِي أَضْنَاهُ وَأَعْجَزَهُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ، فَأَمَّا مَنْ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ بِحَوَائِجِهِ وَيُحَمُّ فَلَا) وَقِيلَ: إِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِحَوَائِجِهِ فِي الْبَيْتِ وَعَجَزَ عَنْهَا خَارِجَ الْبَيْتِ فَهُوَ مَرِيضٌ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ مُضْنًى لَا يَقُومُ إِلَّا بِشِدَّةٍ وَتَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ جَالِسًا فَهُوَ مَرِيضٌ، وَالْمَحْصُورُ وَالْوَاقِفُ فِي صَفِّ الْقِتَالِ وَالْمَحْبُوسُ لِلرَّجْمِ وَالْقِصَاصِ وَرَاكِبُ السَّفِينَةِ وَالنَّازِلُ فِي مَسْبَعَةٍ يَخَافُ الْهَلَاكَ كَالصَّحِيحِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ السَّلَامَةُ، وَمَنْ قُدِّمَ لِلْقِصَاصِ وَالرَّجْمِ أَوْ بَارَزَ رَجُلًا أَوِ انْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ وَقَعَ فِي فَمِ سَبْعٍ كَالْمَرِيضِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا ضَرَبَهَا الطَّلْقُ.

أَمَّا الْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ كَالصَّحِيحِ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِمَّنْ لَا يَرِثُ الْآخَرَ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ مَعَ الْحُرَّةِ، وَالْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مَعَ الْمُسْلِمِ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَارَ فِي حَالٍ يَتَوَارَثَانِ لَوْ لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ لَا تَرِثُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهَا بِمَالِهِ حَالَةَ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا فَلَا يُتَّهَمُ.

(وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِفِعْلِهِ وَفَعَلَهُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ) سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوِ الْمَرَضِ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِضْرَارَهَا حَيْثُ بَاشَرَ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي الْمَرَضِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنَ الْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَمَّا إِذَا كَانَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فَلِأَنَّ لَهُ بُدًّا مِنَ التَّعْلِيقِ فَكَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ.

(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فِي الْمَرَضِ مِثْلَ قَوْلِهِ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>