للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ، وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ (ز) ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا وَلَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَالصَّلَاةِ وَكَلَامِ الْأَقَارِبِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَرِثَتْ (م) .

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ إِضْرَارَهَا بِمُبَاشَرَةِ التَّعْلِيقِ فِي الْمَرَضِ حَالَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ.

(وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ) خِلَافًا لِزُفَرَ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ يَنْزِلُ عِنْدَ الشَّرْطِ فَصَارَ كَالْمُنَجَّزِ فِي الْمَرَضِ. وَلَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا يَصِيرُ تَطْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ حُكْمًا لَا قَصْدًا وَلَا ظُلْمًا إِلَّا عِنْدَ الْقَصْدِ.

(وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا وَلَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ عَلَى كُلِّ حَالٍ) لِأَنَّهَا رَاضِيَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَالصَّلَاةِ وَكَلَامِ الْأَقَارِبِ وَأَكْلِ الطَّعَامِ وَاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَرِثَتْ) ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ لَا تَرِثُ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِي إِبْطَالِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَقْصِدْ إِبْطَالَ حَقِّهَا. وَلَهُمَا أَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إِلَى الْمُبَاشَرَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهَا مِنَ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ وَالضَّرَرِ فِي الدُّنْيَا، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهَا إِلَى الْمُبَاشَرَةِ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُهَا إِلَيْهِ وَتَصِيرُ كَالْآلَةِ كَمَا قُلْنَا فِي الْإِكْرَاهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَرَضُ الْمَوْتِ إِذَا مَاتَ مِنْهُ، أَمَّا لَوْ بَرِئَ ثُمَّ مَاتَ انْقَطَعَ حُكْمُ الْمَرَضِ الْأَوَّلِ.

١ -

فَصْلٌ فِي طَلَاقِ الْمَجْهُولَةِ

أَصْلُهُ أَنَّ إِضَافَةَ الطَّلَاقِ إِلَى مَجْهُولَةٍ لَيْسَ إِلَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ فِي الْمُعَيَّنَةِ بِالْبَيَانِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى مَجْهُولَةٍ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمُعَيَّنَةِ، وَإِنَّمَا يَنْزِلُ بِالْبَيَانِ مَقْصُورًا عَلَيْهِ فَكَانَ لِلْبَيَانِ حُكْمُ الْإِنْشَاءِ فِي حَقِّ الْمُعَيَّنَةِ، وَالْإِنْشَاءُ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِمِلْكِ الْمَحَلِّ، فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي مُعَيَّنَةٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ» الْحَدِيثَ، وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ مَعَ الْخَطَأِ أُجْرَيَا مَجْرًى وَاحِدًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ الْبَيْعَ، ثُمَّ الطَّلَاقُ يَقَعُ مَعَ الْحَظْرِ فَكَذَا مَعَ الْجَهَالَةِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ مَعَ ضَعْفِهِ يَصِحُّ مَعَ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْجَهَالَةِ حَتَّى جَازَ بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَلَأَنْ يَصِحَّ الطَّلَاقُ مَعَهُ أَوْلَى، وَلِلنِّسَاءِ أَنْ يُخَاصِمْنَهُ وَيَسْتَعْدِينَ عَلَيْهِ إِلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبَيِّنَ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقًّا فِي اسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ النِّكَاحِ وَأَحْكَامِهِ، أَوِ التَّوَصُّلِ إِلَى التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَكَانَ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيَانُ. وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُجْمِلُ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى مُعَيَّنَةٍ لِتَحْصُلَ الْفَائِدَةُ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْ حِينِ بَيَّنَ لِمَا تَقَدَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>