. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَتْ إِحْدَاهُمَا طُلِّقَتِ الْبَاقِيَةُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الطَّلَاقَ غَيْرُهَا.
وَإِنْ قَالَ: أَرْدَتُ الْمَيِّتَةَ لَمْ يَرِثْهَا وَطُلِّقَتِ الْبَاقِيَةُ، فَيُصَدَّقُ فِي الْمَيِّتَةِ عَلَى نَفْسِهِ فِي إِسْقَاطِ إِرْثِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْبَاقِيَةِ فِي صَرْفِ الطَّلَاقِ عَنْهَا، فَإِنْ مَاتَتَا وَاحِدَةٌ بَعْدَ الْأُخْرَى فَقَالَ: أَرَدْتُ الْأُولَى، لَمْ يَرِثْ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ سَقَطَ مِنَ الثَّانِيَةِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَمِنَ الْأُولَى بِاعْتِرَافِهِ، وَلَوْ مَاتَتَا مَعًا وَرِثَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مِيرَاثٍ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ إِحْدَاهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ مِيرَاثِهَا وَيَرِثُ مِنَ الْأُخْرَى نِصْفَ مِيرَاثِهَا لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي زِيَادَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ جَامَعَ إِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتِ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ، لِأَنَّ الْجِمَاعَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَطَأَ الْمُطَلَّقَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مِنْ خَوَاصِّ الزَّوْجِيَّةِ فَصَارَتْ كَالْجِمَاعِ، وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا وَعَنَى بِهِ الْبَيَانَ صُدِّقَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْبَيَانَ تَعَيَّنَتِ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ الْأَوَّلِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً لَمْ يَكُنْ وَطْءُ إِحْدَاهُمَا بَيَانًا لِلْأُخْرَى، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْبَيَانِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا الرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ، لِأَنَّ إِحْدَاهُمَا زَوْجَةٌ قَطْعًا وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنَ الْأُخْرَى.
وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَبَهَتْ وَأَنْكَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُطَلَّقَةَ لَا يَقْرُبُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ إِحْدَاهُنَّ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ. وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: كُلُّ مَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِيهِ وَالْفُرُوجُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَلِهَذَا قَالُوا: إِذَا اخْتَلَطَتِ الْمَيِّتَةُ بِالْمَذْبُوحَةِ إِنَّهُ يَتَحَرَّى لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ تُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
وَإِنِ اسْتَعْدَيْنَ عَلَيْهِ إِلَى الْحَاكِمِ فِي النَّفَقَةِ وَالْجِمَاعِ أَعْدَى عَلَيْهِ وَحَبَسَهُ حَتَّى يُبَيِّنَ الَّتِي طَلَّقَ مِنْهُنَّ، وَيُلْزِمُهُ نَفَقَتَهُنَّ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِأَحْكَامِ النِّكَاحِ، فَكَانَ عَلَى الْحَاكِمِ إِلْزَامُهُ إِيفَاءً لِلْحَقِّ، وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِنَّ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ وَلِلزَّوْجَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا تَزَوَّجْنَ بِغَيْرِهِ جَازَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ بِوَاحِدَةٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَ بِالثَّلَاثِ صَحَّ نِكَاحُهُنَّ وَتَعَيَّنَتِ الرَّابِعَةُ لِلطَّلَاقِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْكُلِّ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ بِزَوْجٍ آخَرَ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِزَوْجٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ الْكُلَّ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْكُلِّ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُتَزَوَّجَةِ إِنَّمَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا حَيْثُ أَقْدَمَتْ عَلَى النِّكَاحِ لِلتَّحْلِيلِ، وَلَوِ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا يَحْلِفُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ الثَّلَاثُ، لِأَنَّهُ بِالنُّكُولِ صَارَ بَاذِلًا أَوْ مُقِرًّا لَهَا بِالثَّلَاثِ، وَإِنْ حَلَفَ لَهُنَّ فَالْحُكْمُ كَمَا قُلْنَا قَبْلَ الْيَمِينِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إِذَا حَلَفَ لِإِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ طُلِّقَتِ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لِلْأُولَى طُلِّقَتْ.
وَإِنْ تَشَاحَّا عَلَى الْيَمِينِ حَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، فَإِنْ حَلَفَ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ، وَإِنْ نَكَلَ طُلِّقَتَا عَلَى مَا بَيَّنَّا، فَإِنْ وَطِئَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute