للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُعْتَبَرُ بِقَدْرِ حَالِهِ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِكِفَايَتِهَا بِلَا تَقْتِيرٍ وَلَا إِسْرَافٍ، وَيُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ كُلِّ شَهْرٍ وَتُسَلَّمُ إِلَيْهَا، وَالْكِسْوَةُ كُلُّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَيُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ خَادِمٍ وَاحِدٍ (س) ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِمَا مَرَّ مِنَ الدَّلَائِلِ (تُعْتَبَرُ بِقَدْرِ حَالِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧] كَذَا اخْتَارَهُ الْكَرْخِيُّ، وَاخْتَارَ الْخَصَّافُ الِاعْتِبَارَ بِحَالِهِمَا، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ لَهَا نَفَقَةُ الْمُوسِرِ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَنَفَقَةُ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَهَا فَوْقَ نَفَقَةِ الْمُعْسِرَةِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَدُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُفْرِطًا فِي الْيَسَارِ وَالْآخَرُ مُفْرِطًا فِي الْإِعْسَارِ يُقْضَى عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْوَسَطِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي إِعْسَارِهِ فِي حَقِّ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهَا لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ.

قَالَ: (وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِكِفَايَتِهَا بِلَا تَقْتِيرٍ وَلَا إِسْرَافٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ هِنْدٍ، وَلَيْسَ فِيهَا تَقْدِيرٌ لَازِمٌ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالطِّبَاعِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، وَالْوَسَطُ خُبْزُ الْبُرِّ وَالْإِدَامُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا.

(وَيُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ كُلِّ شَهْرٍ وَتُسَلَّمُ إِلَيْهَا) لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْقَضَاءُ بِهَا كُلَّ سَاعَةٍ، وَيَتَعَذَّرُ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ فَقَدَّرْنَاهُ بِالشَّهْرِ لِأَنَّهُ الْوَسَطُ وَهُوَ أَقْرَبُ الْآجَالِ.

(وَالْكِسْوَةُ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِاخْتِلَافِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَلِيَ الْإِنْفَاقَ بِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَيَفْرِضُ لَهَا كُلَّ شَهْرٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَيُقَدِّرُ النَّفَقَةَ بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَا يُقَدِّرُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَوْ صَالَحَتْهُ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى مَا لَا يَكْفِيهَا كَمَّلَهَا الْقَاضِي إِنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ صَاحِبَ مَائِدَةٍ لَا يَفْرِضُ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَيَفْرِضُ الْكِسْوَةَ.

قَالَ: (وَيُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ خَادِمٍ وَاحِدٍ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ خَدَمِهُ مَنْ يَخْدُمُهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُفْرَضُ لِخَادِمَيْنِ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدِهِمَا لِدَاخِلِ الْبَيْتِ وَالْآخَرِ لِخَارِجِهِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْوَاحِدَ يَكْفِي لِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى اثْنَيْنِ حَتَّى قِيلَ لَوْ كَفَاهَا بِنَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ نَفَقَةُ خَادِمٍ، وَقِيلَ إِنْ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ فَلَهَا نَفَقَةُ خَادِمَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلْخِدْمَةِ وَالْآخَرُ لِلرِّسَالَةِ وَأُمُورِ خَارِجِ الْبَيْتِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا لَا يُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ خَادِمٍ أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَادِمٌ لَا يُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةُ خَادِمٍ، وَكَذَا إِذَا كَانَتْ فَقِيرَةً وَتَخْدُمُ نَفْسَهَا، رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكِسْوَةُ الصَّيْفِ قَمِيصٌ وَمُقَنَّعَةٌ وَمِلْحَفَةٌ، وَفِي الشِّتَاءِ مَعَ ذَلِكَ جُبَّةٌ وَسَرَاوِيلُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَعَلَى الْمُوسِرِ دِرْعٌ سَابُورِيٌّ وَخِمَارٌ إِبْرَيْسَمٌ وَمِلْحَفَةٌ كِتَّانٌ، وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً وَلِحَافًا، وَإِنْ طَلَبَتْ فِرَاشًا تَنَامُ عَلَيْهِ لَهَا ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّوْمَ عَلَى الْأَرْضِ رُبَّمَا يُؤْذِيهَا وَيُمْرِضُهَا، وَمَا تُغَطَّى بِهِ دَفْعًا لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ وَالْبِقَاعِ، وَلِخَادِمِهَا قَمِيصٌ كِرْبَاسٌ وَإِزَارٌ فِي الصَّيْفِ، وَفِي الشِّتَاءِ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَجُبَّةٌ وَكِسَاءٌ وَخُفَّانِ، فَإِنِ امْتَنَعَتِ الْخَادِمَةُ عَنِ الْخِدْمَةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>