للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَبِالْعَكْسِ لَا، وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَلَوْ حَجَّتْ أَوْ حُبِسَتْ بِدَيْنٍ أَوْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَذَهَبَ بِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ حَجَّ مَعَهَا فَلَهَا نَفَقَةُ الْحَضَرِ، وَإِنْ مَرِضَتْ فِي مَنْزِلِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِأَنَّهَا مُقَابَلَةٌ بِالْخِدْمَةِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا مُقَابَلَةٌ بِالْحَبْسِ لَا غَيْرُ.

وَلَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ إِذَا امْتَنَعَتْ، وَيَأْتِيهَا بِمَنْ يَخْبِزُ وَيَطْبُخُ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ، قَالُوا: وَهَذَا إِذَا كَانَتْ لَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ، وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ وَتَخْدُمُ نَفْسَهَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مُتَعَنِّتَةٌ.

قَالَ: (فَإِنْ نَشَزَتِ الْمَرْأَةُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِمَا رُوِيَ: «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ نَشَزَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا فَنَقَلَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى» ، وَلِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلنَّفَقَةِ الِاحْتِبَاسُ وَقَدْ زَالَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا امْتَنَعَتْ مِنَ التَّمْكِينِ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الِاحْتِبَاسُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَرْهًا، فَإِنْ عَادَتْ إِلَى مَنْزِلِهِ عَادَتِ النَّفَقَةُ لِعَوْدِ الِاحْتِبَاسِ.

(وَإِنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ) لِأَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ لِتَسْتَوْفِيَ حَقَّهَا، فَلَوْ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ تَتَضَرَّرُ، وَالضَّرَرُ يَجِبُ إِلْحَاقُهُ بِالزَّوْجِ الظَّالِمِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ إِيفَاءِ حَقِّهَا، وَلِأَنَّ الْمَنْعَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ كَالْعَدَمِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَالَا: إِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا سَلَّمَتِ الْمُعَوَّضَ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ لِقَبْضِ الْعِوَضِ كَالْبَائِعِ إِذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا سَلَّمَتْ بَعْضَ الْمُعَوَّضِ لِأَنَّ الْمَهْرَ مُقَابَلٌ بِجَمِيعِ الْوَطْئَاتِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، فَالْبَائِعُ إِذَا سَلَّمَ بَعْضَ الْمَبِيعِ لَهُ حَبْسُ الْبَاقِي، كَذَا هَذَا.

(وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَبِالْعَكْسِ لَا) ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمَرْأَةُ صَغِيرَةٌ لَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الِاحْتِبَاسِ مَا يَكُونُ وَسِيلَةً إِلَى الْمَقْصُودِ مِنَ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ بِسَبَبٍ مِنْهَا فَصَارَ كَالْعَدَمِ.

(وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِمَا مَرَّ، وَلَوْ سَكَنَ دَارًا غَصْبًا فَامْتَنَعَتْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فَلَيْسَتْ بِنَاشِزَةٍ لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ بِحَقٍّ، وَإِنْ كَانَتْ سَاكِنَةً فِي دَارِهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ دُخُولِهَا وَقَالَتْ: حَوِّلْنِي إِلَى مَنْزِلِكَ أَوِ اكْتَرِ لِي دَارًا فَلَهَا النَّفَقَةُ لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلَوْ حَجَّتْ أَوْ حُبِسَتْ بِدَيْنٍ أَوْ غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَذَهَبَ بِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِزَوَالِ الِاحْتِبَاسِ لَا مِنْ جِهَتِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْحَجَّ الْفَرْضَ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ، ذَكَرَهُ فِي الْأَمَالِي لِأَنَّهُ عُذْرٌ، لَكِنْ تَجِبُ نَفَقَةُ الْحَضَرِ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحِقَّةُ فَيُعْطِيهَا نَفَقَةَ شَهْرٍ وَالْبَاقِي إِذَا رَجَعَتْ.

(وَإِنْ حَجَّ مَعَهَا فَلَهَا نَفَقَةُ الْحَضَرِ) لِأَنَّهَا كَالْمُقِيمَةِ فِي مَنْزِلِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ.

(وَإِنْ مَرِضَتْ فِي مَنْزِلِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ) وَكَذَلِكَ إِذَا جَاءَتْ إِلَيْهِ مَرِيضَةً لِأَنَّ الِاحْتِبَاسَ مَوْجُودٌ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهَا وَتَحْفَظُ مَتَاعَهُ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا لَمْسًا وَغَيْرَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>