للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْأَمَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ النَّفَقَةُ إِنْ بَوَّأَهَا مَوْلَاهَا بَيْتَ الزَّوْجِ وَإِلَا فَلَا، فَإِنْ بَوَّأَهَا ثُمَّ اسْتَخْدَمَهَا سَقَطَتْ، وَمَنْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ، وَإِذَا قُضِيَ لَهَا بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ أَيْسَرَ تَمَّمَ لَهَا نَفَقَةَ الْمُوسِرِ، وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا سَقَطَتْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قُضِيَ بِهَا أَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى مِقْدَارِهَا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَمَنْعُ الْوَطْءِ لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا إِذَا كَانَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ كَالصَّغِيرَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إِنْ مَرِضَتْ عِنْدَهُ لَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّهُ صَحَّ التَّسْلِيمُ، وَلَوْ سُلِّمَتْ إِلَيْهِ مَرِيضَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَا صَحَّ، وَقَوْلُهُ: مَرِضَتْ فِي مَنْزِلِهِ إِشَارَةٌ إِلَيْهِ، وَإِذَا طَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ وَهِيَ بَالِغَةٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ إِذَا لَمْ يُطَالِبْهَا بِالنُّقْلَةِ، لِأَنَّ النُّقْلَةَ حَقُّهُ وَالنَّفَقَةَ حَقُّهَا، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا بِتَرْكِهِ حَقَّهُ، فَإِنْ طَالَبَهَا بِالنُّقْلَةِ فَامْتَنَعَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلِلْأَمَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ النَّفَقَةُ إِنْ بَوَّأَهَا مَوْلَاهَا بَيْتَ الزَّوْجِ) لِوُجُودِ الِاحْتِبَاسِ (وَإِلَّا فَلَا) لِعَدَمِهِ (فَإِنْ بَوَّأَهَا ثُمَّ اسْتَخْدَمَهَا سَقَطَتِ) النَّفَقَةُ لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ.

قَالَ: (وَمَنْ أَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ) لِتُحِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي التَّفْرِيقِ إِبْطَالَ حَقِّهِ وَفِي الِاسْتِدَانَةِ تَأْخِيرَ حَقِّهَا، وَالْإِبْطَالُ أَضَرُّ فَكَانَ دَفْعُهُ أَوْلَى، فَإِذَا فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي وَأَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنَ الْإِحَالَةِ عَلَيْهِ وَالرُّجُوعِ فِي تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ، وَلَوِ اسْتَدَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي تَكُونُ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ وَلَا تَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ لِأَنَّهَا لَا وَلَايَةَ لَهَا عَلَيْهِ، فَلِهَذَا قَالَ: تُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الِاسْتِدَانَةِ أَنْ تَشْتَرِيَ بِالدَّيْنِ.

قَالَ: (وَإِذَا قُضِيَ لَهَا بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ أَيْسَرَ تَمَّمَ لَهَا نَفَقَةَ الْمُوسِرِ) لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، وَمَا فُرِضَ تَقْدِيرٌ لِنَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ، فَإِذَا تَبَدَّلَتْ حَالُهُ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِقَدْرِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قُضِيَ بِنَفَقَةِ الْيَسَارِ ثُمَّ أَعْسَرَ فُرِضَ لَهَا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا سَقَطَتْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قُضِيَ بِهَا أَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى مِقْدَارِهَا) فَيُقْضَى لَهَا بِنَفَقَةِ مَا مَضَى لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَجِبْ عِوَضًا عَنِ الْبُضْعِ، لِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ عِوَضًا عَنْهُ، وَالْعَقْدُ الْوَاحِدُ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَلَا عِوَضًا عَنِ الِاسْتِمْتَاعِ، لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، فَبَقِيَ وُجُوبُهُ جَزَاءً عَنِ الِاحْتِبَاسِ صِلَةً وَرِزْقًا لَا عِوَضًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ رِزْقًا بِقَوْلِهِ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] ، وَالرِّزْقُ اسْمٌ لِمَا يُذْكَرُ صِلَةً، وَالصِّلَاتُ لَا تُمْلَكُ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ حَقِيقَةً أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْهِبَةِ أَوْ بِالْتِزَامِهِ بِالتَّرَاضِي، لِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَأَنْ يَلْزَمَهُ بِالْتِزَامِهِ كَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ وَلَايَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَقْوَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>