فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوِ الِاصْطِلَاحِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَتْ، وَإِنْ أَسْلَفَهَا النَّفَقَةَ أَوِ الْكِسْوَةَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِذَا كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ أَوْ دَيْنٌ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِهِ وَبِالنِّكَاحِ، أَوِ اعْتَرَفَ بِهِمَا مَنِ الْمَالُ فِي يَدِهِ يُفْرَضُ فِيهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَوَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ وَيُحَلِّفُهَا أَنَّهَا مَا أَخَذَتْهَا وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ الزَّوْجِيَّةَ أَوِ الْمَالَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهَا عَلَيْهِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوِ الِاصْطِلَاحِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَتْ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهَا صِلَةٌ، وَالصِّلَةُ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
قَالَ: (وَإِنْ أَسْلَفَهَا النَّفَقَةَ أَوِ الْكِسْوَةَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُحْتَسَبُ لَهَا نَفَقَةُ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهَا اسْتَعْجَلَتْ عِوَضًا عَمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِبَاسِ، وَقَدْ بَطَلَ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْمَوْتِ فَيَبْطُلُ مِنَ الْعِوَضِ بِقَدْرِهِ. وَلَهُمَا مَا بَيَّنَّا أَنَّهَا صِلَةٌ، وَقَدِ اتَّصَلَ الْقَبْضُ بِهَا فَيَبْطُلُ الرُّجُوعُ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي الْهِبَةِ، أَلَا تَرَى لَوْ هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِهْلَاكٍ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ بِالْإِجْمَاعِ.
قَالَ: (وَإِذَا كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ أَوْ دَيْنٌ عَلِمَ الْقَاضِي بِهِ وَبِالنِّكَاحِ أَوِ اعْتَرَفَ بِهِمَا مِنَ الْمَالِ فِي يَدِهِ يَفْرِضُ فِيهِ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ وَوَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) لِأَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ أَوْ عَلَيْهِ لَمَّا أَقَرَّ بِالزَّوْجِيَّةِ فَقَدْ أَقَرَّ بِثُبُوتِ حَقِّهَا فِيهِ، لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا حَقًّا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الْيَدِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَحِيحٌ فَيَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ بِاعْتِرَافِهِ، فَيَقَعُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْرِي إِلَى الْغَائِبِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا جَحَدَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهُ إِنْ جَحَدَ الزَّوْجِيَّةَ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ جَحَدَ الْمَالَ فَهِيَ لَيْسَتْ خَصْمًا فِي إِثْبَاتِهِ، وَعَلِمَ الْقَاضِي حُجَّةً يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِهِ فِي مَحَلِّ وَلَايَتِهِ عَلَى مَا عُرِفَ. وَنَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَقَارِبِ حَيْثُ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ إِلَّا بِالْقَضَاءِ لِمَا أَنَّ وُجُوبَهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
قَالَ: (وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ) كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، أَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا لَا يُفْرَضُ فِيهِ النَّفَقَةُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيْعِهِ وَلَا بَيْعَ عَلَى الْغَائِبِ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ عَلَى الْحَاضِرِ فَكَذَا عَلَى الْغَائِبِ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يُبَاعُ عَلَى الْحَاضِرِ لِظُهُورِ ظُلْمِهِ بِامْتِنَاعِهِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْغَائِبِ.
قَالَ: (وَيُحَلِّفُهَا أَنَّهَا مَا أَخَذَتْهَا وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا بِهَا) نَظَرًا لِلْغَائِبِ وَاحْتِيَاطًا لَهُ لِاحْتِمَالِ حُضُورِهِ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهَا.
(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ الزَّوْجِيَّةَ أَوِ الْمَالَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهَا عَلَيْهِ) لِمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَأَرَادَتْ أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ لِيَفْرِضَ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute