للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ، وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إِنْ كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا أَوْ زَمِنًا، وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى فَقِيرٍ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْغِنَى الْمُحَرِّمُ لِلصَّدَقَةِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

عَنِ الْكَسْبِ حَقِيقَةً كَالزَّمِنِ وَالْأَعْمَى وَنَحْوِهِمَا، أَوْ مَعْنًى كَمَنَ بِهِ خَرْقٌ وَنَحْوُهُ.

(وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ) رَوَاهُ هِشَامٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إِنْ كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا أَوْ زَمِنًا) لِأَنَّهُ مِنْ كِفَايَةِ الصَّغِيرِ. وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ الِابْنِ، وَيَجِبُ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ خَادِمِ الْأَبِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ لِأَنَّ خِدْمَةَ الْأَبِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الِابْنِ فَكَذَا نَفَقَةُ مَنْ يَخْدُمُهُ، وَلَا كَذَلِكَ زَوْجَةُ الِابْنِ.

قَالَ: (وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى فَقِيرٍ إِلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧] . وَقَالَ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] وَلِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ مُجَازَاةٌ وَذَلِكَ يَجِبُ مَعَ الْفَقْرِ، وَلَا تَجِبُ لِغَيْرِهِمْ مَعَ الْفَقْرِ لِأَنَّهَا صِلَةٌ، فَلَوْ وَجَبَتْ لِلْفَقِيرِ عَلَى الْفَقِيرِ لَمْ يَكُنْ إِيجَابُهَا عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ إِيجَابِهَا لَهُ.

(وَالْمُعْتَبَرُ الْغِنَى الْمُحَرِّمُ لِلصَّدَقَةِ) هُوَ الْمُخْتَارُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِالنِّصَابِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إِذَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ لَهُ وَلِعِيَالِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ أَقَارِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَيَكْتَسِبُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا يَكْفِيهِ أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ الْفَضْلَ عَلَى أَقْرِبَائِهِ، وَمَنْ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَهُوَ مُحْتَاجُ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَقَارِبِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْكَنِهِ فَضْلٌ يَكْفِيهِ بَعْضُهُ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ الْبَعْضِ وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَا إِذَا كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ نَفِيسَةٌ يُؤْمَرُ بِبَيْعِهَا وَيَشْتَرِي الْأَوْكَسَ وَيُنْفِقُ الْفَضْلَ، وَمَنْ كَانَ يَأْكُلُ مِنَ النَّاسِ تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ أَعْطَوْهُ قَدْرَ نِصْفِ كِفَايَتِهِ يَسْقُطُ نِصْفُ النَّفَقَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا كَسُوبًا وَالْأَبُ زَمِنٌ شَارَكَهُ فِي الْقُوتِ بِالْمَعْرُوفِ.

وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَسْبِ لِلزَّمَانَةِ أَوْ كَانَ مُقْعَدًا يَتَكَفَّفُ النَّاسَ فَنَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ وَلَدِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَالْأُمُّ مُوسِرَةً تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدِ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ إِذَا أَيْسَرَ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِلْأَبِ الْمُعْسِرِ أَخٌ مُوسِرٌ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُعْسِرَةُ إِذَا كَانَ زَوْجُهَا مُعْسِرًا وَلَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ مُوسِرٌ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيُؤْمَرُ الِابْنُ أَوِ الْأَخُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَتَرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا أَيْسَرَ، وَيُحْبَسُ الِابْنُ أَوِ الْأَخُ إِذَا امْتَنَعَ لِأَنَّ هَذَا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَإِذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ أَبٌ غَنِيٌّ وَابْنٌ غَنِيٌّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ لِأَنَّ شُبْهَتَهُ فِي مَالِ الِابْنِ أَكْثَرُ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ، وَيُعْتَبَرُ فِي نَفَقَةِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ دُونَ الْإِرْثِ، لِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ النَّفَقَةَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ وَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوِلَادِ وَهُوَ الْجُزْئِيَّةُ وَالْبَعْضِيَّةُ بِاعْتِبَارِ التَّوَلُّدِ وَالتَّفَرُّعِ عَنْهُ.

وَفِي نَفَقَةِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ أَهْلَ الْإِرْثِ، وَيَجِبُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لِأَنَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>