للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا إِلَى جِنَازَةٍ فَخَرَجَ إِلَيْهَا ثُمَّ أَتَى حَاجَةً أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ الذَّهَابُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْإِتْيَانِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَهَا حَلَفَ لَا تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِذْنِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَلَوْ قَالَ: إِلَّا أَنْ آذَنَ لَكِ يَكْفِيهِ إِذْنٌ وَاحِدٌ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا إِلَى جِنَازَةٍ فَخَرَجَ إِلَيْهَا ثُمَّ أَتَى حَاجَةً أُخْرَى لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ الْخُرُوجُ لِغَيْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ إِلَى الْجِنَازَةِ وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الْيَمِينِ، وَالْإِتْيَانُ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ.

(حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ قَاصِدًا إِلَيْهَا.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ الذَّهَابُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ الِانْتِقَالِ وَالذَّهَابِ مِنْ مَوْضِعِهِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: ٣٣] أَيْ يُزِيلَهُ عَنْكُمْ فَأَشْبَهَ الْخُرُوجَ، (وَفِي الْإِتْيَانِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَهَا) لِأَنَّ الْإِتْيَانَ الْوُصُولُ، قَالَ تَعَالَى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} [الشعراء: ١٦] وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، وَيُقَالُ فِي الْعُرْفِ: خَرَجْتُ إِلَى بَلَدِ كَذَا وَلَمْ آتِهِ، أَيْ قَصَدْتُهُ بِالْخُرُوجِ وَلَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ، وَالذَّهَابُ كَالْخُرُوجِ فِي الِاسْتِعْمَالِ أَيْضًا.

حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ وَهُوَ قَاعِدٌ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَارِجًا، وَلَوْ كَانَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ أَوْ عَلَى جَنْبِهِ يَحْنَثُ بِخُرُوجِ أَكْثَرِ جَسَدِهِ إِقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ كَذَا فَهُوَ عَلَى الْخُرُوجِ بِبَدَنِهِ، وَلَوْ قَالَ: مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى النُّقْلَةِ بِبَدَنِهِ وَأَهْلِهِ، هَذَا هُوَ الْعُرْفُ.

وَلَوْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ فِي غَيْرِ حَقٍّ فَهُوَ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ حَقًّا فِي اسْتِعْمَالِهِمْ دُونَ الْوَاجِبِ كَزِيَارَةِ الْوَالِدَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ وَأَعْرَاسِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ وَنَحْوِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ إِلَّا إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوَاهَا لَا غَيْرُ، فَإِنْ عُدِمَا فَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا وَأُمُّهَا الْمُطَلَّقَةُ أَهْلُهَا، فَإِنْ كَانَ أَبُوهَا مُتَزَوِّجًا بِغَيْرِ أُمِّهَا وَأُمُّهَا كَذَلِكَ فَأَهْلُ مَنْزِلِ أَبِيهَا لَا مَنْزِلِ أُمِّهَا. حَلَفَ لَا يَخْرُجُ إِلَى بَغْدَادَ فَخَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُجَاوِزِ الْعِمْرَانَ قَاصِدًا بَغْدَادَ، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِنَازَةِ حَيْثُ يَحْنَثُ بِنَفْسِ الْخُرُوجِ، لِأَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى بَغْدَادَ سَفَرٌ، وَلَا سَفَرَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْعُمْرَانَ، وَلَا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ إِلَى الْجِنَازَةِ.

(حَلَفَ لَا تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِذْنِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) لِأَنَّ النَّهْيَ يَتَنَاوَلُ عُمُومَ الدَّخَلَاتِ إِلَّا دَخْلَةً مَقْرُونَةً بِإِذْنِهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ: إِلَّا رَاكِبَةً، وَإِلَّا مُنْتَقِبَةً فَإِنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَذَا هَذَا، وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً صُدِّقَ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَرَدْتِ. فَخَرَجَتْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَخَرَجَتْ حَنِثَ.

(وَلَوْ قَالَ: إِلَّا أَنْ آذَنَ لَكِ يَكْفِيهِ إِذْنٌ وَاحِدٌ) وَكَذَلِكَ حَتَّى آذَنَ لَكِ لِأَنَّهُ جَعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>