حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ صَحْرَاءَ وَدَخَلَهَا حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ: دَارًا لَمْ يَحْنَثْ، وَفِي الْبَيْتِ لَا يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا لَمْ يَحْنَثْ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَقَامَ عَلَى سَطْحِهَا حَنِثَ، وَلَوْ دَخَلَ دِهْلِيزَهَا إِنْ كَانَ لَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الْإِذْنَ غَايَةً لِيَمِينِهِ لِأَنَّهَا كَلِمَةُ الْغَايَةِ فَانْتَهَتِ الْيَمِينُ لِوُجُودِ الْغَايَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ صَحَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ صَمَّاءَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ حُصُولِ الْعِلْمِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ فَدَخَلَتْ حَنِثَ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِذْنَ إِطْلَاقٌ وَإِنَّهُ يَتِمُّ الْإِذْنُ كَالرِّضَا. وَلَهُمَا أَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْإِعْلَامُ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِعْلَامُ بِدُونِ الْعِلْمِ وَالْإِفْهَامِ، بِخِلَافِ الرِّضَا فِيمَا إِذَا قَالَ: إِلَّا بِرِضَايَ، ثُمَّ قَالَ: رَضِيتُ وَلَمْ تَسْمَعْ، لِأَنَّ الرِّضَا إِزَالَةُ الْكَرَاهَةِ، وَأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ السَّمَاعِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْقَلْبِ، وَلَوْ قَالَ: إِلَّا بِأَمْرِي فَأَمَرَهَا وَلَمْ تَسْمَعْ فَدَخَلَتْ حَنِثَ بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ إِلْزَامُ الْمَأْمُورِ فَلَا بُدَّ مِنَ السَّمَاعِ كَأَوَامِرِ الشَّرْعِ.
حَلَفَ لَا تَخْرُجُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَخَرَجَتْ وَهُوَ يَرَاهَا فَلَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهَا فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَخْرُجُ فَكَانَ الْخُرُوجُ بِعِلْمِهِ.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَصَارَتْ صَحْرَاءَ وَدَخَلَهَا حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ دَارًا لَمْ يَحْنَثْ، وَفِي الْبَيْتِ لَا يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ حَقِيقَةً وَعُرْفًا، وَالْبِنَاءُ صِفَةٌ فِيهَا، لِأَنَّ قِوَامَ الْبِنَاءِ بِالْعَرْصَةِ، وَلِهَذَا يَنْطَلِقُ اسْمُ الدَّارِ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَهَابِ الْبِنَاءِ، وَفِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ فِي نَدْبِهِمُ الدُّورَ الدَّارِسَةَ أَقْوَى شَاهِدٍ، غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ مُعْتَبَرٌ فِي الْغَائِبِ وَهُوَ مُنْكَرُ لَغْوٌ فِي الْحَاضِرِ لِحُصُولِ التَّعْرِيفِ بِالْإِشَارَةِ عَلَى مَا عُرِفَ، وَأَمَّا الْبَيْتُ فَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ، وَالْعَرْصَةُ إِنَّمَا تَصِيرُ صَالِحَةً لِلْبَيْتُوتَةِ بِالْبِنَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ زَوَالِهِ حَتَّى قَالُوا: لَوْ خَرِبَ السَّقْفُ وَبَقِيَتِ الْحِيطَانُ يَحْنَثُ لِإِمْكَانِ الْبَيْتُوتَةِ فِيهِ، وَلَوْ بُنِيَ الْبَيْتُ بَعْدَ مَا انْهَدَمَ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ. وَفِي الدَّارِ يَحْنَثُ لِزَوَالِ اسْمِ الْبَيْتِ بَعْدَ الِانْهِدَامِ، وَبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ جُعِلَتِ الدَّارُ بُسْتَانًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ بَيْتًا فَدَخَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِتَبَدُّلِ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ بِاعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ وَصِفَةٍ أُخْرَى، وَكَذَا لَوْ صَارَتْ بَحْرًا أَوْ نَهْرًا، وَكَذَا لَوْ بُنِيَتْ دَارًا أُخْرَى بَعْدَ الْبُسْتَانِ وَالْحَمَّامِ لَا يَحْنَثُ لِمَا بَيَّنَّا.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا لَمْ يَحْنَثْ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَسْجِدِ وَالْبَيْعَةِ وَالْكَنِيسَةِ) لِعَدَمِ إِطْلَاقِ اسْمِ الْبَيْتِ عَلَيْهَا عُرْفًا، وَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ وَأُعِدَّ لِلْبَيْتُوتَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِيهَا. حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَهُمَا فِي سَفَرٍ عَلَى الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ وَالْقُبَّةِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ، فَإِنْ نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَقَامَ عَلَى سَطْحِهَا حَنِثَ) لِأَنَّهُ مِنَ الدَّارِ كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ الْمُعْتَكِفِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ إِذَا أُغْلِقَ الْبَابُ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ فَهُوَ مِنَ الدَّارِ.
(وَلَوْ دَخَلَ دِهْلِيزَهَا إِنْ كَانَ لَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute