للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَمْ يَحْنَثْ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ لَمْ يَحْنَثْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا فَمِنْ حِينِ حَلَفَ. حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إِلَّا أَنَّهُ نَائِمٌ حَنِثَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الدُّخُولِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ وُجِدَ.

قَالَ: (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَمْ يَحْنَثْ مَدْيُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَدْيُونٍ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا إِذَا كَانَ مُسْتَغْرَقًا بِالدُّيُونِ فَلِأَنَّ عِنْدَهُ لَا مِلْكَ لِلْمَوْلَى فِيهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي بَابِهِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْمِلْكَ وَإِنْ كَانَ لِلْمَوْلَى فَإِنَّهُ يُضَافُ إِلَى الْعَبْدِ فَلَا يَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِاخْتِلَالِ الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَوْلَى. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْنَثُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِذَا نَوَاهُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ بِدُونِ النِّيَّةِ، لِأَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَهُمَا لِلْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا، إِلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: الْإِضَافَةُ إِلَى الْمَوْلَى اخْتَلَّتْ فَاحْتَاجَ إِلَى النِّيَّةِ.

حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ فُلَانٍ فَهُوَ مَالُهُ صَنَعَ فِي اكْتِسَابِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ كَالْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوِ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا وَأَخْذِ الْمُبَاحَاتِ. فَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا يَكُونُ كَسْبَهُ. وَلَوْ مَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَانْتَقَلَ كَسْبُهُ إِلَى وَارِثِهِ فَأَكَلَهُ الْحَالِفُ حَنِثَ لِأَنَّهُ كَسَبَهُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ كَسْبٌ، وَلَوِ انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ صَارَ كَسْبَ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ مِمَّا تَمْلِكُ أَوْ مِمَّا مَلَكْتَ أَوْ مِنْ مِلْكِكَ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الْمِلْكَ إِذَا تَجَدَّدَ عَلَى عَيْنٍ بَطَلَتِ الْإِضَافَةُ الْأُولَى وَصَارَ مِلْكًا لِلثَّانِي، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مِيرَاثِ فُلَانٍ فَمَاتَ فَأَكَلَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَنِثَ، وَإِنْ مَاتَ وَارِثُهُ فَانْتَقَلَ إِلَى وَارِثِهِ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ الْآخَرَ نَسَخَ الْمِيرَاثَ الْأَوَّلَ فَبَطَلَتِ الْإِضَافَةُ إِلَى الْأَوَّلِ.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ، يُقَالُ: مَا تَكَلَّمَ وَإِنَّمَا قَرَأَ أَوْ سَبَّحَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ كَلَامٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَا يُنَافِي الْخَرَسَ وَالسُّكُوتَ، وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا، وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْنَثُ خَارِجَهَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ فَلَمْ يُجْعَلْ كَلْامًا ضَرُورَةً، وَلَا ضَرُورَةَ خَارِجِ الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: إِنْ حَلَفَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا فَمِنْ حِينِ حَلَفَ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرِ الشَّهْرَ تَأَبَّدَتِ الْيَمِينُ، فَلَمَّا ذَكَرَ الشَّهْرَ خَرَجَ مَا وَرَاءَهُ عَنِ الْيَمِينِ وَبَقِيَ الشَّهْرُ، وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرِ الشَّهْرَ لَا يَتَأَبَّدُ فَكَانَ التَّعْيِينُ إِلَيْهِ.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ إِلَّا أَنَّهُ نَائِمٌ حَنِثَ) وَكَذَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ وَوَصَلَ إِلَى سَمْعِهِ، وَعَدَمُ فَهْمِهِ لِنَوْمِهِ وَصَمَمِهِ، فَصَارَ كَمَا إِذَا كَانَ مُتَغَافِلًا أَوْ مَجْنُونًا. وَفِي رِوَايَةٍ: اشْتَرَطَ أَنْ يُوقِظَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>