وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيْتًا ثُمَّ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ (سم) ؛ وَمَنْ قَالَ: مَنْ بَشَّرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ جَمَاعَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ بَشَّرُوهُ جَمِيعًا عَتَقُوا؛ وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَنِي عَتَقُوا فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ: إِنْ تَسَرَّيْتُ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَتَسَرَّى جَارِيَةً كَانَتْ فِي مِلْكِهِ عَتَقَتْ، وَلَوِ اشْتَرَاهَا وَتَسَرَّى بِهَا لَمْ تَعْتِقْ. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
(وَلَوْ قَالَ: فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مَيَّتًا ثُمَّ حَيًّا عَتَقَ الْحَيُّ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَا: لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْحَلَّتْ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ وِلَادَةُ الْوَلَدِ الْمَيِّتِ لَا إِلَى جَزَاءٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْحُرِّيَّةِ. وَلَهُ أَنَّ الشَّرْطَ وِلَادَةُ الْحَيِّ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهَا الْحَيَاةُ فَصَارَ كَقَوْلِهِ إِذَا وَلَدْتِ وَلَدًا حَيًّا فَهُوَ حُرٌّ، وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ عَتَقَ الْحَيُّ فَكَذَا هُنَا، بِخِلَافِ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ وَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْحَيَاةِ فَافْتَرَقَا.
قَالَ: (وَمَنْ قَالَ: مَنْ بَشَّرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ جَمَاعَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ بَشَّرُوهُ جَمِيعًا عَتَقُوا، وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَنِي عَتَقُوا فِي الْوَجْهَيْنِ) لِأَنَّ الْبِشَارَةَ عُرْفًا اسْمٌ لِخَبَرٍ سَارٍّ صِدْقٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُبَشِّرِ عِلْمُهُ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَغَيُّرِ بَشَرَةِ الْوَجْهِ مِنَ الْفَرَحِ عَادَةً، وَالسُّرُورُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالصِّدْقِ لَا بِالْكَذِبِ وَبِخَبَرٍ لَيْسَ عِنْدَهُ عِلْمُهُ، وَالْخَبَرُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الْخَبَرِ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَيَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْبِشَارَةُ حَصَلَتْ بِالْأَوَّلِ لِمَا بَيَّنَّا فَعَتَقَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِالْبَاقِي لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِهِ فَلَمْ تَكُنْ بِشَارَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ حَصَلَتْ بِإِخْبَارِ الْكُلِّ فَيَعْتِقُونَ؛ أَمَّا الْخَبَرُ فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنَ الْكُلِّ سَوَاءٌ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ مُجْتَمِعِينَ فَيَعْتِقُونَ فِي الْحَالَيْنِ، وَالْإِعْلَامُ كَالْبِشَارَةِ يَعْتِقُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرَ لِأَنَّهُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْأَوَّلِ، وَالْبِشَارَةُ وَالْخَبَرُ يَكُونُ بِالْكِتَابَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ كَمَا يَكُونُ بِالْمُشَافَهَةِ، وَالْمُحَادَثَةُ بِالْمُشَافَهَةِ لَا غَيْرَ، وَلِهَذَا يُقَالُ: أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُقَالُ: حَدَّثَنَا.
فَإِذَا قَالَ: أَيُّ غُلَامٍ بَشَّرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ غُلَامُهُ بِذَلِكَ عَتَقَ؛ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا لَهُ أَرْسَلَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ بِالْبِشَارَةِ فَجَاءَ الرَّسُولُ وَقَالَ لِلْمَوْلَى: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَكَ: قَدْ قَدِمَ فُلَانٌ عَتَقَ الْمُرْسِلُ دُونَ الرَّسُولِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِ؛ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ: إِنَّ فُلَانًا قَدِمَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ عَتَقَ الرَّسُولُ خَاصَّةً.
(قَالَ: إِنْ تَسَرَّيْتُ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَتَسَرَّى جَارِيَةً كَانَتْ فِي مِلْكِهِ عَتَقَتْ، وَلَوِ اشْتَرَاهَا وَتَسَرَّى بِهَا لَمْ تَعْتِقْ) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَنَاوَلَتْهَا الْيَمِينُ لِكَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْيَمِينُ. وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَعْتِقُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ ذِكْرَ التَّسَرِّي ذِكْرٌ لِلْمِلْكِ، لِأَنَّ التَّسَرِّيَ لَا يَصِحُّ إِلَّا فِي الْمِلْكِ. قُلْنَا الْمِلْكُ يَصِيرُ مَذْكُورًا ضَرُورَةَ صِحَّةِ التَّسَرِّي فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ وَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الْجَزَاءُ، لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.
قَالَ: (حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute