للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَجَازَ بِالْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ. حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ وَالْإِجَازَةِ وَكَذَلِكَ ابْنَهُ وَابْنَتَهُ الصَّغِيرَيْنِ، وَفِي الْكَبِيرَيْنِ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ. حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَوَكَّلَ بِهِ حَنِثَ، وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يُبَاشِرَهُ بِنَفْسِهِ صُدِّقَ قَضَاءً. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَأَمَرَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ وَذَبْحُ الشَّاةِ كَضَرْبِ الْعَبْدِ. حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَوَكَّلَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا سَائِرُ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ.

(وَإِنْ أَجَازَ بِالْفِعْلِ) كَإِعْطَاءِ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ (لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ الْعُقُودَ تَخْتَصُّ بِالْأَقْوَالِ فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُ عَقْدًا وَإِنَّمَا يَكُونُ رِضًا، وَشَرْطُ الْحَنْثِ الْعَقْدُ لَا الرِّضَا. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَيْسَتْ بِإِنْشَاءٍ لِلْعَقْدِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا هُوَ تَنْفِيذٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ بِالرِّضَا بِهِ.

(وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي النِّكَاحِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. وَلَوْ قَالَ: عَنَيْتُ أَنْ لَا أَتَكَلَّمَ بِهِ صَدَقَ دِيَانَةً لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

(وَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ فِي (الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقُ) وَكُلِّ عَقْدٍ لَا تُرْجَعُ حُقُوقُهُ إِلَى الْوَكِيلِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَةِ وَالْقَرْضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ فِعْلٍ لَيْسَ لَهُ حُقُوقٌ كَالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَالذَّبْحِ وَالْكِسْوَةِ وَالْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ وَالْخُصُومَةِ وَالشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَبِالْأَمْرِ. وَفِي الصُّلْحِ رِوَايَتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ.

(حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ وَالْإِجَازَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُضَافٌ إِلَيْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إِرَادَتِهِ لِمِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ (وَكَذَلِكَ ابْنَهُ وَابْنَتَهُ الصَّغِيرَيْنِ) لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا (وَفِي الْكَبِيرَيْنِ لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْفِعْلِ.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يَضْرِبُ عَبْدَهُ فَوَكَلَ بِهِ حَنِثَ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ تَرْجِعُ إِلَى الْمَالِكِ فَيُجْعَلُ مُبَاشِرًا لِأَنَّهُ لَا حُقُوقَ لَهُ تَرْجِعُ إِلَى الْوَكِيلِ (وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يُبَاشِرَهُ بِنَفْسِهِ صُدِّقَ قَضَاءً) لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ، فَإِذَا نَوَى الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ نَوَى الْحَقِيقَةَ فَيُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ النِّكَاحِ وَأَخَوَاتِهِ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يُفْضِي إِلَى النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ مِثْلَ التَّكَلُّمِ بِهِ، فَإِذَا نَوَى التَّكَلُّمَ بِهِ فَقَدْ نَوَى الْخَاصَ مِنَ الْعَامِّ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً.

قَالَ: (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَأَمَرَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ عَائِدَةٌ إِلَى الْوَلَدِ وَهُوَ التَّثْقِيفُ وَالتَّأْدِيبُ فَلَا يُنْسَبُ إِلَى الْآمِرِ، بِخِلَافِ ضَرْبِ الْعَبْدِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(وَذَبْحُ الشَّاةِ كَضَرْبِ الْعَبْدِ) حَلَفَ لَا يَضْرِبُ حُرًّا فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ضَرْبَ الْحُرِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سُلْطَانًا أَوْ قَاضِيًا فَيَحْنَثُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ ضَرْبًا حَدًّا وَتَعْزِيرًا فَيَصِحُّ الْأَمْرُ بِهِ.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَوَكَّلَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا سَائِرُ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>