وَإِذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ دَارَ الْحَرْبِ فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ التَّنْفِيلُ قَبْلَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، وَقَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، فَيَقُولُ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، أَوْ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَلَهُ رُبُعُهُ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يُنَفِّلُ مِنَ الْخُمْسِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَسَّمُوهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ كَمَا قُلْنَا وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً، وَإِنَّمَا يُعْطَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى صِفَةِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «يَا بَنِي هَاشِمٍ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَعَوَّضَكُمْ عَنْهَا بِخُمُسِ الْخُمُسِ» ؛ وَالصَّدَقَةُ إِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَى فُقَرَائِهِمْ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَأَغْنِيَاءِ غَيْرِهِمْ، فَيَكُونُ خُمُسُ الْخُمُسِ لِمَنْ حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِ.
وَمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُنْكِحُ مِنْهُ أَيِّمَهُمْ وَيَقْضِي مِنْهُ غَارِمَهُمْ، وَيُخْدِمُ مِنْهُ عَائِلَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا سَهْمَ لِلَّهِ تَعَالَى وَسَهْمُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَقَطَ، وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى يَسْتَحِقُّونَهُ بِالْفَقْرِ، لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَوَجَبَ أَنْ يُقَسَّمَ عَلَيْهِمْ، وَيَدْخُلَ ذَوُو الْقُرْبَى فِيهِمْ إِذَا كَانُوا بِصِفَتِهِمْ.
قَالَ: (وَإِذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنَعَةٌ دَارَ الْحَرْبِ فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِلَّا فَلَا) . اعْلَمْ أَنَّ الدَّاخِلَ دَارِ الْحَرْبِ لَا يَخْلُو إِمَّا إِنْ كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ أَوْ لَا، وَلَا يَخْلُو إِمَّا إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَمَا أَخَذُوهُ يُخَمَّسُ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَخَذُوا بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ أَخَذُوا قَهْرًا وَغَلَبَةً فَكَانَ غَنِيمَةً؛ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصُرَهُمْ، لِأَنَّ فِي خَذْلِهِمْ وَهْنًا لِلْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُخَمَّسُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ خُمِّسَ، لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ فَقَدِ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ بِإِمْدَادِهِمْ بِالْعَسْكَرِ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُخَمَّسُ؛ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُغَالَبَةِ الْكُفَّارِ فَلَا يَكُونُ غَنِيمَةً وَإِنَّمَا هُوَ تَلَصُّصٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ لَا يُخَمَّسُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْخَذْ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ نُصْرَتُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَا وَهْنَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي تَرْكِ نُصْرَتِهِمْ فَلَا يُخَمَّسُ كَالَّذِي يَأْخُذُهُ التَّاجِرُ وَاللِّصُّ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً فَمَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ كَالْحَشِيشِ وَالصَّيْدِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ.
قَالَ: (وَيَجُوزُ التَّنْفِيلُ قَبْلَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، فَيَقُولُ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، أَوْ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَلَهُ رُبُعُهُ) وَنَحْوَ ذَلِكَ.
(وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يُنَفِّلُ مِنَ الْخُمُسِ) . اعْلَمْ أَنَّ النَّفْلَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْغَنِيمَةِ، وَفِي الشَّرِيعَةِ: اسْمٌ لِمَا خَصَّهُ الْإِمَامُ لِبَعْضِ الْغُزَاةِ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ لِزِيَادَةِ قُوَّةٍ وَجُرْأَةٍ مِنْهُمْ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَفَّلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ؛ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ يَوْمَ خَيْبَرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute